والمراد بها هنا : المنى الذي يخرج من الرجل ، ويصب في رحم المرأة ، (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) والعلقة قطعة من الدم المتجمد.
(ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أى : ثم يخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا صغارا ، بعد أن تكامل خلقكم فيها. فقوله : (طِفْلاً) اسم جنس يصدق على القليل والكثير.
ثم (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) بعد ذلك ، بعد أن تنتقلوا من مرحلة الطفولة إلى المرحلة التي تكتمل فيها أجسامكم وعقولكم.
(ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) بعد ذلك ، بأن تصلوا إلى السن التي تتناقص فيها قوتكم والجملة الكريمة معطوفة على قوله (لِتَبْلُغُوا) ، أو معمولة لمحذوف كالجمل التي تقدمتها ، أى : ثم يبقيكم لتكونوا شيوخا.
(وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) أى : ومنكم من يدركه الموت من قبل أن يدرك سن الشيخوخة ، أو سن الشباب ، أو سن الطفولة.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى) معطوف على مقدر. أى : فعل ذلك بكم لكي تعيشوا ، ولتبلغوا أجلا مسمى تنتهي عنده حياتكم ، ثم تبعثون يوم القيامة للحساب. والجزاء.
وقوله : (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أى : ولعلكم تعقلون عن ربكم أنه هو الذي يحييكم يوم القيامة كما أماتكم ، وكما أنشأكم من تلك الأطوار المتعددة وأنتم لم تكونوا قبل ذلك شيئا مذكورا.
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه الآيات الزاخرة بكثير من النعم بقوله ـ تعالى ـ (هُوَ الَّذِي يُحْيِي) من يريد إحياءه (وَيُمِيتُ) من يشاء إماتته.
(فَإِذا قَضى أَمْراً) أى : فإذا أراد إبراز أمر من الأمور إلى هذا الوجود (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ) أى لهذا الأمر (كُنْ فَيَكُونُ) في الحال بدون توقف على سبب من الأسباب ، أو علة من العلل.
ثم ساق ـ سبحانه ـ بعد ذلك ما يسلى النبي صلىاللهعليهوسلم عما أصابه من المشركين ، بأن بين له سوء عاقبتهم يوم القيامة ، وبأن أمره بالصبر على كيدهم ، وبشره بأن العاقبة ستكون له ولأتباعه .. فقال ـ تعالى ـ :