إلى الدنيا ، فما هم من المجابين إلى ذلك.
قال القرطبي : وأصل الكلمة من العتب ـ بفتح العين وسكون التاء ـ وهي الموجدة ، يقال : عتب عليه يعتب ـ كضرب يضرب ـ إذا وجد عليه. فإذا فاوضه فيما عتب عليه فيه ، قيل : عاتبه ، فإذا رجع إلى مسرتك فقد أعتب. والاسم العتبى ، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرى العاتب قال الشاعر :
فإن أك مظلوما فعبدا ظلمته |
|
وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب (١) |
وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة ، قد بينت الأحوال السيئة التي يكون عليها الكافرون يوم القيامة ، والمجادلات التي تدور بينهم وبين جوارحهم في هذا اليوم العسير عليهم.
ثم بين ـ سبحانه ـ جانبا من الأسباب التي أوقعتهم في هذا المصير الأليم ، ومن الأقوال السيئة التي كانوا يتواصون بها فيما بينهم ، وعن عاقبة هذا التواصي الأثيم فقال ـ تعالى ـ :
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧) ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٢٨) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (٢٩)
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٥ ص ٣٥٤.