فاستَطاعَ نَصرَهُ وَلَم يَنصُرهُ خَذَلَهُ اللهُ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ» (١).
ونفس هذا المضمون أو ما يشبهه ورد في روايات متعددة عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله والإمام الصادق عليهالسلام.
وفي حديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال في خطبة له أمام الناس : «مَنْ ردّ عَنْ أَخِيهِ فِي غَيبَةٍ سَمِعَها فِيهِ فِي مَجلِسٍ رَدَّ اللهُ عَنهُ أَلَفَ بابٍ مِنَ الشَّرِّ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ فإنْ لَم يَرُدَّ عَنهُ وأَعجَبَهُ كانَ عَلَيهِ كَوِزرِ مَنْ إِغتابَهُ» (٢).
وفي حديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضاً أنّه قال : «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرضِ أَخِيهِ كانَ لَهُ حِجاباً مِن النّارِ» (٣).
ولكنّ الصحيح أنّه لا يستفاد وجوب الدفاع من هذه الروايات ، بل غاية ما يستفاد منها هو الاستحباب المؤكّد ، لأنّ التعبير لكلمة (خذله الله) الوارد في عدّة روايات من هذا الباب لا يقرّر أكثر من أنّ الله تعالى لا يعين هذا الشخص ويتركه لحاله (لأنّ معنى الخذلان هو ترك النصرة والمساعدة) وكذلك ما ورد في الثواب والجنّة أو النجاة من النار في بعض الروايات فانّه في قوله : «كانَ عَلَيهِ كَوِزرِ مَنْ إِغتابَهُ» قد تدل على وجوب الدفاع ولكنّ الوارد في هذه الرواية هو أنّ الإثم لا يقتصر على الاستماع وعدم الدفاع فقط بل ينشرح ويفرح من سماعه لهذه الغيبة ، وعلى أية حال فسواء كان الدفاع عن المسلم في مقابل الغيبة واجباً أو مستحباً مؤكّداً فانّه يعدّ وظيفة مهمّة في دائرة المفاهيم الإسلامية ، وإذا كان الدفاع نهياً عن المنكر فهو واجب قطعاً.
٨ ـ غيبة الأموات
أحياناً يتصوّر البعض أنّ مفهوم الغيبة الوارد في الروايات الشريفة ناظر إلى الأحياء من المسلمين ولا يشمل الأموات ، وعليه يجوز غيبة الأموات ، ولكنّه خطأ فاحش ، لأنّ الوارد
__________________
١ ـ وسائل الشيعة ، ج ٨ ، ص ٦٦.
٢ ـ المصدر السابق ، ص ٦٠٧.
٣ ـ المصدر السابق ، ج ١٩ ، ص ٤٧ ، باب ٢٤.