المزاح :
لقد ورد في الروايات الإسلامية وكذلك كلمات علماء الأخلاق بحوث واسعة عن (المزاح) حيث يتوصّل الإنسان من خلال مطالعتها ودراستها إلى هذه النتيجة ، وهي أن المزاح إذا كان في حدّ الاعتدال ولم يكن ملوّثاً بالإثم والمعصية فإنّه ليس فقط غير قبيح ، بل يمكن اعتباره من مصاديق حسن الخلق والأخلاق الفاضلة وحسن المعاشرة مع الناس ، ولا شك أن الافراط في ذلك إمّا أن يوقع الإنسان في المعصية والإثم يتحول إلى أحد الرذائل الأخلاقية ، وأحياناً يكون خطره أكثر من خطره في الكلام إذا كان من موقع الجد ، لأنّ في المزاح نوع من الحرية لا توجد في الكلام الجدّي والذي ينطلق من موقع المسؤولية.
ويستفاد من سيرة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله والأئمّة المعصومين عليهمالسلام وعلماء الدين أنّهم كانوا يمارسون المزاح بشكل معتدل في معاشرتهم مع الناس.
وبهذه الإشارة نستعرض بعض الروايات التي تقرر حسن المزاح بصورة عامّة ، ثم نستعرض الروايات التي تذم المزاح ، ثم نذكر طريق الجمع بين هاتين الطائفتين من الروايات الشريفة :
١ ـ ما ورد في الحديث عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال : «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآله لَيَسُرُّ الرَّجُلَ مِنْ أَصحابِهِ إِذا رَآهُ مَغمُوماً بِالمُدَاعَبَةِ» (١).
أجل فإنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كان يستخدم المزاح لتحقيق الأغراض الإنسانية وادخال السرور على القلوب المهمومة والنفوس الكئيبة.
٢ ـ ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال لأحد أصحابه : «كَيفَ مُداعَبَةِ بَعضُكُم بَعضاً».
قلت : قليل.
فقال الإمام عليهالسلام : «أفَلا تَفعَلُوا فإنّ المُداعَبَةَ مِنْ حُسنُ الخُلقِ وَإنَّك لَتُدخلُ بِها السُّرورَ
__________________
١ ـ مستدرك الوسائل ، ج ٨ ، ص ٤٠٨.