ومحبّي الجاه والمقام سيفسدون في الأرض في نهاية المطاف كي يشبعوا عطشهم وغرائزهم ، ولن يتوقفوا عند أي جناية يرتكبونها.
ومن الجدير بالذكر أنّ الإمام علي عليهالسلام عند ما آلت اليه الخلافة كان يخرج بنفسه إلى السوق ، فيرشد الضّال ويساعد الضعيف وعند مروره بجانب الباعة والكسبة كان يقرأ عليهم هذهِ الآية : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه عند ما تلا هذه الآية بكى وقال : «ذَهَبَتِ واللهِ الأَمانيُّ عِندَ هذهِ الآيةِ» (١).
ويمكن أن يكون مراد الإمام عليهالسلام أنّه بما أنّ الباري تعالى جعل الآخرة للّذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا يريدون الرئاسة ، وهو أمر صعب جدّاً ، فسوف لا تبقى امنية للشخص المؤمن في حركة الحياة الدنيوية.
ويستفاد من مجموع الآيات التي ذكرت سابقاً وما شابهها من الآيات أن طلب الجاه والرئاسة ، وخصوصاً إذا ما اقترن بالكبر والغرور والعناد فانّه سيفضي بالحياة الإنسانية إلى السقوط ، وسوف لا تؤثر على الفرد فقط بل تطال المجتمع ايضاً.
حبّ الجاه في الروايات الإسلامية :
ورد الحديث عن هذه الرذيلة مرّةً تحت عنوان (حبّ الجاه) ومرّة تحت عنوان (حبّ الرئاسة) واخرى بعنوان «الشرف» ، ونختار قسماً من تلك الروايات الكثيرة :
١ ـ الروايات التي تتحدث عن مدى تأثير وتخريب هذهِ الرذيلة في دائرة الدين والمعتقد ، بحيث جاء في الحديث النبوي الشريف : «ما ذِئبانِ ضاريانِ ارسِلا فِي زَرِيبَةِ
__________________
١ ـ تفسير علي بن ابراهيم الوارد في ذيل الآية الآنفة الذكر.