الشهوة والأهواء الرخيصة وبذلك ظلم نفسه وحرمها من نيل السعادة العظيمة التي تنتظره في حركته التكاملية نحو الحق والانفتاح على الله.
وعلى هذا الأساس فكون الإنسان ظلوماً وجهولاً إنّما هو لم يكن بسبب قبول هذه الأمانة الإلهية ، لأنّ قبولها علامة العقل وسبب الافتخار ، ومن دون ذلك لا يصل إلى مقام الخلافة الإلهية ، بل كونه ظلوماً وجهولاً بسبب عدم حفظ هذه الأمانة وسلوكه طريق الخيانة في أداء هذه المسوؤلية الكبيرة.
أجل فإنّ الأمانة التي من شأنها أن توصله إلى ذروة السعادة الحقيقية في حال حفظها ، فإنّ خيانتها يتسبب كذلك في سقوط هذا الإنسان في مستنقع الذلّة والمسكنة والشقاء حتى أنّه يكون مصداق (بَل هُم أَضَلُ مِنَ الأنعامِ والدّوابِ).
وبعبارة اخرى : أنّ السموات والأرض والجبال مع عظمتها وسعتها ليست لها القابلية على قبول هذه الأمانة الإلهية ، وأعلنت عدم صلاحيتها لذلك بحالتها التكوينية وبلسان حالها ، ولكن الإنسان وبسبب وجود هذه القابلية والقوى الكريمة التي منحه الله تعالى إيّاها أصبح لائقاً تكوينياً لقبول هذه المنحة والأمانة الإلهية ، وهذا بحدّ ذاته إفتخار عظيم للإنسان من بين المخلوقات.
ولكن بما أنّ أكثر الناس لم يراعوا حق هذه الأمانة الإلهية ولم يتحرّكوا في سبيل حفظها وأدائها فلذلك إستحقوا عنوان الظلوم والجهول ، لأنّهم ظلموا أنفسهم أشدّ الظلم بحرمانها من نيل هذا الإفتخار العظيم الذي منحه الله تعالى للإنسان وعاشوا الغفلة عن هذه الموهبة الإلهية العظيمة وتركوها وراء ظهورهم.
وفي ذيل هذه الآية نجد إشارة إلى هذه النقطة المهمّة ، وهي أنّ الخيانة في الأمانة إنّما تنشأ من الظلم والجهل ، وهذا هو ما نسعى لتحقيقه وتقريره في هذا البحث الأخلاقي ، أجل فانّ حفظ الأمانة يدل على العقل والعدالة ، بينما الخيانة هي دليل على الظلم والجهالة.
وممّا تقدّم آنفاً يتّضح جيداً أنّ المراد من كون الإنسان ظلوماً وجهولاً هم الأشخاص الذين يعيشون حالة الكفر أو الذين يعيشون ضعف الإيمان والتقوى ، وإلّا فإنّ أولياء الله