الصَّلاةَ وَآتوا الزَّكاةَ فَاذا لَم يَفَعَلُوا ذَلِكَ إبتَلَوا بِالقَحطِ وَالسِّنِينَ» (١).
ومن جهة خامسة فإنّ مفهوم الأمانة يمتد ويتسع ليشمل الموارد والمسائل العلمية ، فإنّ تطور العلوم والمعارف البشرية كان بسبب وجود العلماء الذين كانوا يتحرّكون من موقع الأمانة والصدق في تحقيقاتهم ومطالعاتهم وتجاربهم العلمية فكانوا يقدّمون للآخرين ما اكتسبوه من تجارب ثمينة وعلوم جديدة بأمانة وصدق ، وهذا هو الذي أدّى إلى التطور الحضاري والعلمي في عالمنا المعاصر في حين أنّه لو لم يكن أصل الأمانة في المطالعات العلمية فإنّ ذلك قد يفضي إلى التيه العلمي ويتسبب في اضلال الناس ووقوعهم في التخبط الثقافي والعلمي.
ونقرأ في هذا الصدد حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام يقول : «كُلُّ ذِي صَناعَهٍ مُضطَرٌّ إِلى ثَلاثِ خِلالٍ يَجتَلِبُ بِها المَكسَبَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حاذِقاً بِعَمَلِهِ مُؤَدِّياً لِلأَمانَةِ فَيهِ ، مُستَمِيلاً لَمَنْ إِستَعمَلَهُ» (٢).
والجدير بالذكر أنّ الأمانة تدعو الإنسان إلى صدق الحديث أيضاً كما أنّ صدق الحديث يدعو الإنسان إلى الأمانة في الجهة المقابلة ، لأنّ صدق الحديث نوع من الأمانة في القول ، والأمانة نوع من الصدق في العمل ، وعلى هذا الأساس فإنّ هاتين الصفتين يرتبطان بجذر مشترك ويعبّران عن وجهين لعملةٍ واحدة ، ولذلك ورد في الأحاديث الإسلامية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «الأمانَةُ تُؤدِّي إِلى الصُّدقِ» (٣).
وفي حديث آخر عن هذا الإمام عليهالسلام أيضاً أنّه قال : «إذا قَويَتْ الأَمانَةُ كَثُرَ الصّدقُ» (٤).
دوافع الأمانة والخيانة :
إنّ أغلب الأشخاص الذين يتحرّكون في سلوكياتهم من موقع الخيانة ويفضّلونها على
__________________
(١) بحار الانوار ، ج ٧٢ ، ص ١١٥.
(٢) المصدر السابق ، ج ٧٥ ، ص ٢٣٦.
(٣) غرر الحكم.
(٤) المصدر السابق.