٧ ـ وعن الإمام الصادق عليهالسلام أيضاً : «مَنْ طَلَبَ الرِّئاسَةَ بِغيرِ حَقٍّ حُرِمَ الطَّاعَةَ لَهُ بِحَقٍ» (١).
ومن ذلك البيان يتبين أنّ حبّ الجاه والمقام يتقاطع دائماً مع الحق ، ومنه يتبيّن أيضاً أنّ حبّ الرئاسة على نوعين :
الرئاسة بالحق والرئاسة بالباطل :
نقرأ في بعض الآيات أنّ «عباد الرحمن» يطلبون من الباري تعالى أن يجعلهم للمتقين إماماً (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً)(٢).
ومنه يتبيّن أنّ حبّ الرئاسة لا يقع في الدائرة الذميمة دائماً ، كما ذكر هذا المعنى العلّامة المجلسي قدسسره في كتابه بحار الأنوار ، حيث قسّم الرئاسة إلى نوعين : «رئاسة بالحق» و «رئاسة بالباطل» ، بعدها ضرب مثالاً لرئاسة الحق وهو التصدي لمقام الفتوى والتدريس والوعظ ، ويعقب قائلاً : إنّ الذي له الأهلية لذلك وهو عالم بالكتاب والسنة وهدفه هداية الخلق وتعليم الناس ، فيجب عليه إمّا عيناً أو كفايةً التصدي لذلك المقام ، ولكن الذي لا علم له ولا اطلاع بالمسائل وليس له هدف إلّا الشهرة وتحصيل المال والمقام ، فتلك الرئاسة الباطلة ، وهذا هو فعل المبتلين بالصفة الرذيلة وهي حبّ الجاه.
وبعدها نقل عن بعض المحققين أن معنى كلمة «الجاه» هو تملك القلب والتأثير عليه ، فحكمها حكم تملك الأموال ، كل هذهِ الامور هي من أهداف الحياة ، وتنتهي بالموت ، والدنيا مزرعة الآخرة ، فالذي يجعل من تلك زاداً له في الآخرة فهو السعيد والمنعم ، والذي يجعل منها وسيلة لإتباع الأهواء فهو الشقيّ الفقير (٣).
وفي الواقع أنّ الذين يطلبون الرئاسة لأغراض اجتماعية وإنسانية ، أو بعبارة اخرَى يطلبون الجاه للوصول للاهداف الإلهيّة وليس لحب المقام والرئاسة بالذات ، اولئك في
__________________
(١) تحف العقول ، ص ٢٣٧.
(٢) سورة الفرقان ، الآية ٧٤.
(٣) بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ١٤٧ وما بعدها (مع التلخيص).