والنقطة المقابلة لذلك وردت أيضاً في كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال : «مَنْ تَجَنَّبَ الكِذبَ صَدَّقَتْ أَقوالُهُ» (١).
١١ ـ ونختم هذا البحث الطويل بحديث آخر من الأحاديث الحكيمة لأمير المؤمنين عليهالسلام حيث يحذّر الناس من الصداقة والتعامل مع الكاذبين ويقول : «وَإِيَّاكَ وَمُصادَقَةَ الكَذَّابِ فَإِنَّهُ كَالسَّرابِ يُقَرِّبُ عَلَيكَ البَعِيدَ وَيُبَعِّدُ عَلَيكَ القَرِيبَ» (٢).
ويستفاد من الروايات أعلاه أنّ الكذب منبع الذنوب والمعاصي المختلفة وعنصر اهتزاز الإيمان بالله والثقة بين الناس ويعتبر أشنع أقسام الكلام وفرع من فروع النفاق ويفسد العلاقة بين أفراد المجتمع ويعمل على هدم إتّحادهم ومروءتهم وقلّما نجد مثل هذه الآثار الذميمة لذنب آخر من الذنوب الفردية والاجتماعية.
بقيت هنا نقاط مهمّة نذكرها بشكل مختصر :
الآثار السلبية للكذب :
بالرغم من أنّ الآيات والروايات المذكوره آنفاً قد درست هذه المسألة بشكل مفصّل وكشفت الستار عن نقاط مهمّة فيها ، ولكن أهميّة هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة أكثر وأعمق.
وأول : أثر من الآثار المضرّة والسلبية للكذب هي الفضيحة وذهاب ماء الوجه وانهيار المكانة الاجتماعية للشخص الكاذب وسلب الثقة منه لدى الناس.
وكما يقول المثل المعروف : (الكاذب قرين النسيان) فإنّ التجارب تثبت أنّ الكلام الكاذب لا يمكن أن يستمر لمدّة طويلة في حجبه الحقيقة عن الناس ، وقد تطوى المسألة في زاوية النسيان إذا لم تكن ذات أهميّة ، ولكن إذا كانت المسألة مهمّة فإنّ الحقيقة سوف
__________________
١ ـ غرر الحكم.
٢ ـ نهج البلاغة ، القصار الكلمات ، الكلمة ٣٨.