١ ـ إذا سأل الإنسان : هل إرتكبت المعصية الفلانية ، فيقول في مقام الجواب : استغفر الله ، (فالمستمع يفهم من هذه العبارة النفي في حين أنّ مراد المتكلّم هو الاستغفار من إرتكابه لذلك العمل).
٢ ـ وقد يسأل شخص من آخر : هل أنّ فلاناً قد استغابني وتكلّم عنّي بسوء أمامك؟
فيجيب : وهل أنّ هذا ممكن ومعقول (فالمستمع يفهم من هذا الكلام النفي في حين أنّ مقصود المتكلّم هو الاستفهام لا غير).
٣ ـ إذا جاء شخص إلى باب دار شخص آخر وقال : هل أنّ فلاناً موجود في البيت؟
فيقول الآخر في مقام الجواب مشيراً إلى مكان معيّن : كلا ليس هنا (فالمستمع يتصوّر أنّه غير موجود في البيت في حين أنّ مراد القائل أنّه غير موجود في ذلك المكان بالخصوص).
٤ ـ وقد سئل من أحد العلماء عن الخليفة الحق بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله من هو؟ ولم يكن ذلك العالم في حالة تسمح له بالجواب بصورة صحيحة وشفافة فقال في جوابه : (من بنته في بيته).
فتصوّر المستمع أنّ المراد هو أبا بكر الذي كانت إبنته عائشة في بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في حين أنّ مراد القائل هو أنّه إبنته أي إبنة رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة في بيته ، أي بيت علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٥ ـ ونقرأ في قصة محادثة سعيد بن جبير مع الحجّاج عند ما سأله الحجاج عدّة أسئلة كذريعة لقتله فكان ممّا سأله : كيف تجدني في نظرك؟ فقال : أنت عادل (والعادل في نظر العرب ترد في معنيين) أحدهما بمعنى العدالة والآخر بمعنى العادل عن الحق ، أي الكافر أو الذي يرى عديلاً أو شريكاً لله تعالى كما ورد ذلك في القرآن الكريم : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(١).
أي يجعلون له عديلاً وشريكاً.
وممّا تقدّم آنفاً يتّضح أنّ التورية ليست من الكذب ، لأنّ القائل ليس في نيّته سوى
__________________
١ ـ سورة الأنعام ، الآية ١.