٧ ـ (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(١).
٨ ـ (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(٢).
تفسير واستنتاج :
«الآية الأولى» من الآيات محل البحث تتحدث عن الأساس والأصل لجميع أعمال الخير والصلاح وتذكر ستة صفات وعناوين لذلك ، الأول منها هو الإيمان بالله تعالى ويوم القيامة والملائكة والأنبياء والكتب السماوية ، ثم تأتي بعدها مسألة الأنفاق في سبيل الله وتشير أيضاً إلى إقامة الصلاة وأداء الزكاة ، وتذكر في الصفة الخامسة من هذه الصفات (الوفاء بالعهد) وفي الصفة السادسة تأتي أهمية الصبر والاستقامة في مقابل تحدّيات الواقع الصعبة والمشاكل التي تواجه الإنسان في حركة الحياة والصبر في ميدان القتال ، وبالنسبة إلى الوفاء بالعهد تقول (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا).
وهذا التعبير يوضّح ، أنّ الوفاء بالعهد في دائرة المفاهيم الإسلامية والقرآنية مهم إلى درجة أنّه وقع رديفاً للإيمان بالله والصلاة والزكاة.
ومع ملاحظة أنّ المادة الأصلية لهذه الكلمة (وفى) هي أن يصل الشيء إلى حدُّ الكمال والتمام ، فعند ما يترجم الشخص عهده ووعده عملياً على أرض الواقع يقال له (وفى بعهده) أو (أوفى بعهده) ، وعليه فإنّ الثلاثي المجرّد أو المزيد لهذه المفردة يأتيان بمعنى واحد.
وكلمة (عهد) تأتي في الأصل بمعنى (الحفظ) ولهذا فإنّها تقال لكل شيء لا بدّ من حفظه والاهتمام به فيقال (عهد) لذلك.
والجدير بالذكر أنّ القرآن الكريم حث على وجوب الوفاء بالعهد في هذه الآية بدون أي قيد وشرط ، وعليه فإنّه يشمل جميع أشكال العهد مع الله تعالى ومع الناس ، سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين ، أي ما دام الشخص قد ارتبط بعهد وميثاق مع المسلمين ، فيجب
__________________
١ ـ سورة الاعراف ، الآية ١٠٢.
٢ ـ سورة البقرة ، الآية ١٠٠.