يمثّلهُ بالقِدر فيه ماء وصل الى درجة الغَليان فهو في حالة تَغيّر مستمر ، ومن يتحرّك في تدبير اموره على ذلك الأساس فَمثله مثل الذي يريد البناء على أمواج البحر ، والمراهنة على معطيات رضا الناس وحالة الاعتماد عليهم لا ينتج الضرر الاخروي فقط ، بل لا ينسجم حتى مع خط العقل في سلوكياتنا الدنيوية أيضاً.
كل ما ورد هي طرق العلاج من الناحية العلمية ، وأمّا من الناحية العملية ، فطريقة علاج حب الجاه هو أن يضع الشخص نَفْسَه في حالة يميتُ فيها «حب الجاه» ، فمثلاً يجلس في المجالس العامة مع الأفراد العاديين وليس مع الشخصيات المرموقة ، وعلى مستوى اللباس ، يجب أن يتّخذه من النوع المتوسط وكذلك بيته ومركبه وطعامه وأمثال ذلك.
ويعتقد بعض اعاظم علماء الأخلاق ، أنّ أفضل طريقة لقطع حب الجاه هو العزلة عن الناس ، بشرط ان لا تكون العزلة بدورها وسيلة لكسب الجاه عند الناس بطريقة غير مباشرة.
وقد كان كثير من المتصوفة ودعاة العرفان ، ولأجل كسر حب الجاه في نفوسهم يتصرفون في واقع الممارسة بسلوكيات لا يقبلها الشرع ، والعجيب أنّهم كانوا يسمّون مثل هذهِ الذنوب الجلية بالذنوب «الصورية» القابلة للصفح والتسامح ، وينقل المرحوم «الفيض الكاشاني» أنّ أحد الملوك القدماء قرر الذهاب الى زاهد زمانه ، وعند ما أحسّ ذلك الزاهد قرب وصول الملك أمر بأن يأتوه بالخبز والخضروات ، وأخذ يأكل بنهمٍ وحرص ويكبر اللّقمة في يده ، وعند ما رأى الملك ذلك المنظر ، سقط الزاهد من عينه وعاد إدراجه بدون أن يكلمه بشيء ، فقال الزاهد : «الحَمدُ للهِ الّذِي صَرَفَكَ عَنّي».
وينقل عن بعضهم أنّهم كانوا يأخذون بعض الأشربة ويضعونها في آنية ملوّنة كي يتصور الناس أنّهم يشربون الخمر وبذلك يسقطون من أعينهم.
وينقل أيضاً عن آخر عرف بالزهد بين الناس وأصبح محطّاً للأنظار ، فدخل الحمّام يوماً ولبس ثياب شخص آخر تعمداً ووقف في وسط الطريق فعرفه الناس فأخذوه وضربوه واخذوا الثياب منه وأعادوها لصاحبها ، وقالوا هذا رجل كذّاب ومخادع ، وابتعدوا عنه!!