التاريخ البشري وحياة الأقوام التي عاشت الظلم والجور ، ولكن الإنسان يعيش حالة الجدل أمام الحق وبذلك يقطع على نفسه طريق الوصول إلى الحقيقة ويوصد أبواب نور المعرفة أمامه ويستفاد جيداً من هذا التعبير أنّ الأشخاص الذين يعيشون الطفولة الفكرية وعدم النضج في شخصيتهم هم أكثر الموجودات جدلاً ومراءً ، وعلى أية حال فانّ هذا التعبير يشير إلى أنّ الإنسان إذا إنحرف عن فطرته السليمة فأنّه يتّجه صوب الجدل ويتحرك في خط المراء والباطل ويقف أمام الحق بدافع من التعصبات والأهواء الذاتية ويوصد طريق الهداية أمامه ، وهذا يمثل أكبر بلاء على الإنسان في طول التاريخ البشري.
وتستعرض «الآية الثالثة» : تعريفاً واضحاً للمجادلة بالباطل وتبيّن مصير أهل الجدل والمراء وتقول : «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ».
ورغم أنّ شأن نزول هذه الآية كما ذكره جماعة من المفسرين أنها نزلت في (النظر بن الحارث) الذي كان من المشركين المعاندين والمتعصبين جداً وكان يتحدث عن القرآن بكلمات واهية ويتصور أنّ الملائكة هم بنات الله ، ولكن من الواضح أنّ مفهوم هذه الآية عام وشامل لجميع الأشخاص الذين يناقشون ويجادلون بدافع من التعصب والعناد ومن دون علم ومعرفة.
واللطيف أنّ الآية تذكر في آخرها أنّ هؤلاء المجادلين يتحركون في خط الشيطان المتمرد ويتبعونه ، وهذا التعبير يشير إلى أنّ الجدال بالباطل هو طريق الشيطان ، بل إنّ الشيطان الرجيم ينفذ في كل شخص يسعى لإثبات وجهة نظره من موقع التعصب والعناد فيسيره إلى حيث يريد.
أما وصف الشيطان بأنّه (مريد) أي المتمرد ، فهو يبين هذه الحقيقة ، وهي أنّ الذين يتحركون من موقع الجدل والمراء هم في صف واحد مع المتمردين على الله والحق ويمثلون جبهة واحدة مقابل جبهة الحق.
والمراد من جملة (يجادل في الله) هو الجدال في صفة من صفات الله أو في أصل وجود