٧ ـ (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً). (١)
٨ ـ (... إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(٢).
تفسير واستنتاج :
«الآية الاولى» : تحذّر الأشخاص الذين يتحرّكون في تعاملهم مع الآخرين من موقع السخرية والاستهزاء : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ).
أمّا تفسير (همزة) و (لمزة) والفرق بينهما هناك كلام كثير بين المفسّرين وقد تحدثنا عنه في التفسير الأمثل ذيل الآية الشريفة ، والمهم هو أنّه على أحد التفاسير فإنّ المراد من الآية أعلاه هو الإشارة إلى الأشخاص الذين يتحرّكون على مستوى النميمة بين الأفراد ، وقد سئل ابن عباس عن المقصود من هذه الآية ، ومن هم هؤلاء الذين يهدّدهم الله تعالى بالويل ، فقال : ابن عباس : «هُم المَشاؤونَ بِالنَّمِيمَةِ المَفَرِّقُونَ بَينَ الأَحِبَّةِ النَّاعِتُونَ لِلنّاسِ بِالعَيبِ».
ويذكر المرحوم الطبرسي في (مجمع البيان) هذا المعنى بعنوان أول تفسير له لهذه الآية ، والفخر الرازي يذكره بعنوان التفسير التاسع والأخير لهذه الآية ، ونظراً للمفهوم الواسع الذي يدخل في مضمون (همزة ولمزة) فإنّ كل أشكال الغيبة والنميمة والسخرية تندرج تحت مفهوم هذه الآية ، وهنا نرى أنّ الله تعالى قد وعد هؤلاء الأشخاص بالعقاب الشديد وهو (الحطمة) وهي النار التي سعّرها الله تعالى في قلوب هؤلاء بحيث تندلع من قلوبهم لتستوعب كل وجودهم.
ويستفاد من هذه الآية أنّ نار الآخرة بخلاف نار الدنيا ، فإنّها تنبع من داخل النفس وأعماق القلب ثم تسري إلى الظاهر ، ولعلّ ذلك بسبب أنّ الرذائل الأخلاقية والأعمال
__________________
١ ـ سورة النساء ، الآية ١١٤.
٢ ـ سورة هود ، الآية ٨٨.