بحار الانوار عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «وَمَنْ نَمَّ إِلَيكَ سَيَنُّمُ عَلَيكَ» (١).
وآخر كلام في هذا الباب هو أنّ أغلب المفاسد الأخلاقية الكامنة في الصفات الرذيلة ناشئة من ضعف الإيمان ، فكلما سعى الشخص لتقوية دعائم إيمانه بالله تعالى واليوم الآخر ، فإنّ هذه الرذائل سوف تتلاشى وتزول من باطنه تدريجياً.
موارد الاستثناء :.
إنّ حرمة النميمة بعنوان أنّها من الذنوب الكبيرة والقبيحة في نظر علماء الأخلاق يعدّ أصلاً أساسياً يجب الإهتمام به دائماً ، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يكون لهذا الحكم استثناءات كما هو الحال في سائر الأحكام الشرعية حيث يكون نقل الكلام من هذا إلى ذاك ليس جائزاً فحسب ، بل يكون واجباً ، ومن تلك الموارد ما إذا شعر الإنسان أنّ الشخص الفلاني أو الفئة الفلانية تريد قتل زيد من الناس وكانت المسألة جدّية ، فهنا يكون نقل كلامهم إلى زيد ليتّخذ جانب الحذر والاحتياط ويبتعد عن الخطر من الواجبات لإنقاذ نفس بريئة ، كما حدث ذلك لموسى عليهالسلام بعد ما قتل القبطي المعتدي فجاء أحد الأشخاص وقال له : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)(٢).
وأحياناً تؤدّي النميمة نتائج إيجابية للمؤمنين تعمل على إيجاد الفرقة والاختلاف في صفوف الأعداء ، فهذا المورد من موارد الجواز أو الوجوب كما ورد في قصّة (نعيم بن مسعود) في حرب الأحزاب حيث أوقع الفرقة والاختلاف بين طائفتين من أعداء المسلمين وهم المشركون واليهود بما نقل من كلمات هؤلاء لهؤلاء وبالعكس فكانت النتيجة إساءة الظنّ بينهم وتخاذلهم عن قتال المسلمين.
ولكنّ مثل هذه الاستثناءات نادرة جدّاً فلا ينبغي أن تكون ذريعة للتلّوث بهذه الخطيئة وقبول كلام من يسعى بالنميمة بين الناس ، ففي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه
__________________
١ ـ بحار الانوار ، ج ٧٥ ، ص ٢٣٠.
٢ ـ سورة القصص ، الآية ٢٠.