من اعتباره ، وكذلك الشخص المتكبّر يتحرّك من موقع تحقير الآخرين والسخرية بشخصيتهم من خلال إساءة الظن بهم وبذلك يخلق في ذهنه عن شخصية الطرف الآخر صورة مهزوزة وحقيرة.
٥ ـ عقد الحقارة : وهي أحد العوامل لسوء الظن بالناس ، فالشخص الذي يعيش الحقارة في شخصيته ويشعر بالتفاهة لذاته أو يجد من الآخرين تحقيراً لشخصيته فانّه يسعى كذلك في التنقيص من شخصية الآخرين واحتقارهم ويتصوّرهم شخصيات ملّوثة وحقيرة ليشبع هذه العقدة في نفسه ويرضي حالته النفسية المهزوزة ، وحينئذٍ يشعر بالراحة الكاذبة من جرّاء ذلك.
أمّا سوء الظن بالله تعالى فيعتمد في الأصل على ضعف الإيمان واليقين في الإنسان واهتزاز صورة الالوهية في دائرة صفات الذات وصفات الأفعال ، فضعف اليقين واهتزاز الإيمان من شأنه أن يخلق في فكر الإنسان سوء الظن وعدم الثقة بالوعود الإلهية لعباده ، وكذلك بالنسبة إلى علم الله تعالى وقدرته ورحمانيّته ورازقيّته وسائر صفاته الحسنى ، وبالتالي يوصد أمامه أبواب السعادة والنجاة.
مراتب سوء الظن :
وأحد الأسئلة المهمّة التي تثار على بساط البحث في هذا المورد هو أنّه أساساً هل أنّ سوء الظن أمراً اختيارياً أو غير اختياري؟ فلو رأى الإنسان ظاهرة معيّنة وأساء الظن بشخص أو أشخاص بدون اختيار ، فهل هذا المعنى يوجب له الذم والتوبيخ؟ وهل تقع هذه الحالة مورداً للتكليف مع أنّ مقدّماتها غير اختيارية؟ وكيف يمكن تعلّق الذم والعقاب بأمر غير اختياري؟
ويمكن الإجابة عن هذه التساؤلات وعلامات الاستفهام من طريقين :
الطريق الأول : أنّ سوء الظن هذا الذي يقفز إلى ذهن الإنسان بدون اختيار منه لا يكون مورد الذم والعقاب لوحده ، فلو أنّه لم يتجسّد في مرحلة العمل ولم يرتب الإنسان عليه أثراً