ورد في الروايات الإسلامية : «إِذا ظَنَنَّتُم فَلا تَحَقَّقُوا» (١).
ولا شك أنّ الالتفات إلى العقوبات الإلهية الاخروية والآثار المعنوية السلبية لهذه الرذيلة الأخلاقية والتي سبقت الإشارة إليها في الروايات الشريفة لها أثر قوي أيضاً في الوقاية من الابتلاء بهذا المرض المعنوي ، وتمنح الإنسان القدرة على التحرّك بعيداً عن ممارسة تداعيات هذه الصفة الأخلاقية الذميمة.
موارد الاستثناء :
لا شك أنّ قبح سوء الظن رغم أنّه يعتبر قاعدة كليّة وأصل من الاصول الاخلاقّية في دائرة علم الإخلاق ، إلّا أنّه هناك إستثناءات لهذا الأصل العام وردت الإشارة إليها في الروايات الإسلامية ، ومن ذلك :
ألف) إذا ساد الفساد والانحطاط الأخلاقي في مجتمع ما وكان التلّوث بالرذائل الإخلاقيّة هو السائد لهذا المجتمع البشري فانّ حسن الظن في مثل هذه الحالات ليس فقط لا يعدّ من الفضائل الإخلاقية ، بل يمكن أن يورّط الإنسان بعواقب سلبيّة ومشاكل حقيقية أيضاً ، وورد التحذير من هذا النوع من حسن الظن في الروايات الإسلاميّة.
فنقرأ في الحديث عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «اذا اسْتَوْلَى الصَّلاحُ عَلَى الزَّمانِ وَاهْلِهِ ثُمَّ أساءَ رَجُلٌ الظَنَّ بِرَجُلٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ حَوْبَةٌ فَقَدْ ظَلَم ، وَإِذا اسْتَوْلَى الْفَسادُ عَلَى الزَّمانِ وَاهْلِهِ فَاحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَ بِرَجُلٍ فَقَدْ غَرَّرَ» (٢).
وهذا المضمون ورد أيضاً بتعبيرات مختلفة عن الإمام الصادق عليهالسلام والكاظم عليهالسلام والهادي عليهالسلام (٣).
وقد ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «احْتَرِسُوا مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِّ» (٤).
__________________
١ ـ كنز العمال ، ج ٣ ، ص ٤٧٩ ، ح ٧٥٨٥.
٢ ـ نهج البلاغة ، كلمات قصار ، ح ١١٤.
٣ ـ ميزان الحكمه ، ج ٢ ، ص ١٧٨٧ ، ح ١١٥٧٥ تا ١١٥٧٧.
٤ ـ بحار الانوار ، ج ٧٤ ، ص ١٥٨ ، ح ١٤٢.