فَأَقِمْ عَلى ما فِي يَدَيكَ قِيامَ الحَازِمِ الصَّلبِ».
وفي حديث آخر عن أنس بن مالك عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه أرسل شخصاً يدعى (بسبسه) (١) من أصحابه للتجسّس على أحوال قافلة أبي سفيان وإخبار النبي بأخبارها (٢).
ونقرأ إشارة واضحة إلى هذا المطلب في عهد مالك الأشتر حيث يأمره أمير المؤمنين عليهالسلام أن يجعل العيون والجواسيس على موظفيه وعمّاله كيما يراقب أعمالهم عن كثب من حيث لا يشعرون فيقول : «ثُمَّ تَفَّقَد أَعمالَهُم وابعَثْ العُيُوَنَ مِنْ أَهلِ الصِّدقِ وَالوَفاءِ عَليهِم ، فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لُامُورِهِم حَدوَةٌ لَهُمُ عَلى إِستِعمالِ الأَمانَةِ والرِّفقِ بِالرَّعِيَّةِ» (٣).
وجاء في الحديث المعروف عن الإمام الحسين عليهالسلام في مسألة بقاء محمد بن الحنفية في المدينة أنّه عند ما عزم الإمام الحسين عليهالسلام على التحرّك من المدينة باتجاه مكّة ومنها إلى كربلاء أراد أخوه محمد بن الحنفية أن يصطحبه في هذا السفر فقال له الإمام عليهالسلام : «أَمَّا أَنتَ فَلا ، عَلَيكَ أَنْ تُقِيمُ بِالمَدِينَةِ وَتَكُونَ لِي عَيناً لا تَخفِ عَنِّي شيئاً مِنْ امورِهِم» (٤).
٢ ـ منظمات التفتيش والتحقيق
هناك الكثير من المنظمات في جميع الأدارات والمؤسسات المهمّة في هذا العصر باسم منظمات الفحص والتحقيق والتي تعمل لغرض إعمال النظر على عمل الموظّفين والعمّال والتصدّي لعمليات الاسراف والخلاف وضبط الامور واستطلاع الأحوال في مفاصل هذه الدوائر والمؤسّسات.
وبديهي أنّ عملهم ليس هو التجسّس على الامور الخاصة والأحوال الشخصية للعمّال والموظّفين في هذه المؤسّسات والدوائر ، بل عملهم يهدف إلى النظارة على الامور المتعلّقة بأداء العمل والوظيفة الاجتماعية ورعاية مصالح الامّة ، فلو أنّه تمّ الاستغناء عن هذه
__________________
١ ـ نقل في بعض الكتب (بَسْبَسْ) أو بسبس بن عمرو (سيرة ابن هشام ، ج ٢ ، ص ٢٦٥).
٢ ـ سنن أبي داود ، ح ٢٦١٨.
٣ ـ نهج البلاغة ، الرسالة ٥٣.
٤ ـ حياة الحسين عليهالسلام ، ج ٢ ، ص ٢٦٣.