المنظمات الاستخباراتية وتعطيل أعمالها فيمكن أن يستشري الفساد والخلل في مؤسّسات المجتمع الكبيرة وإداراته المهمّة.
ومن الواضح أنّ هذه المسألة لا تختص بزمان ومكان معيّن بل كانت موجودة منذ قديم الأيّام وفي مناطق مختلفة من العالم.
وأمّا الفرق بين الأجهزة الأمنيّة وهذه المنظّمات التحقيقية فهو أنّ الأجهزة الأمنيّة تعمل في الخفاء لرصد أعمال المتآمرين على أمن الوطن والشعب ولكنّ المنظمات التحقيقية تعمل بوضح النهار وتدرس الحالات المشكوكة وتتفحّص عن ما يثير الريبة والخلاف كيما تكشف عن السلوكيات الخاطئة لدى الموظّفين والمدراء والعمّال وتسلّمهم إلى العدالة.
٣ ـ التجسّس في المسائل المصيرية
يحق لمن يريد أن يختار له زوجة في حياته أو يسعى للعثور على شريك في أعماله التجارية أو موظّف يشتغل في منصب حسّاس في مؤسّسة معيّنة ولا يتمكن من تحقيق ذلك بدون سلوك التجسّس والتحقيق في هذه المسألة والكشف عن زواياها الخفيّة ، فالعقل والشرع يبيحان له أن يتفحّص في أحوال هؤلاء الأشخاص من أصدقائهم وأقربائهم وأرحامهم أو يتحرّك بنفسه لمراقبة حالاتهم وأوضاعهم من بعيد لكي يحصل له الاطمئنان بصلاح هذا الشخص وأنّه مناسب لهذا الغرض الذي يسعى إليه.
ومن المعلوم أنّ مثل هذا التحقيق والتفحّص خارج عن دائرة التجسّس الحرام ، ولكن لا ينبغي اطلاقاً أن يجعل ذلك ذريعة للتدخل إلى حريم الحياة الخاصة للأفراد ، فلو أنّه لم يصمم فعلاً على الزواج من تلك المرأة أو يستخدم الشريك الفلاني فلا يجوز له بهذه الذريعة أن يتجسّس على أحوالهم ولكنّه يبرّر عمله هذا بالقول بأنّه يمكن أن تحصل لديه حاجة يوماً من الأيّام لمثل هذه المعلومات التي اكتسبها عن طريق التجسّس ، فمثل هذه التبريرات الشيطانية لا يمكن أن تعتبر مجوّزاً للتعدّي على حدود الشرع وارتكاب الحرام.
والخلاصة أنّ كلّ شكل من أشكال الافراط والتفريط في هذه المسألة يتسبب في