المواد الأولية لهذه الحالات الذميمة موجودة في باطنهم كما يخزن البارود والديناميت في مخازن ولا يحتاج إلّا إلى شرارة خفيفة من الخارج حتى ينفجر بركان الغضب ويستولي على جميع كيانهم ، وفي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «الحِقدُ مَثارُ الغَضَبِ» (١).
٥ ـ الحرص وحبّ الدنيا : إنّ الأشخاص الذين يهيمون بحبّ الدنيا ويملأ وجودهم الحرص على تحصيل زخارفها وزبارجها ، فإنّهم لا يتحمّلون أن يجدوا أيّة مزاحمة وخسارة محتملة لمنافعهم الدنيوية ، ولذلك نجدهم يثورون لأتفه الأسباب فيما لو تعرّضوا لبعض الخسائر الطفيفة ، وبما أنّ الحياة الاجتماعية لا تخلو من أمثال هذه المزاحمات والمضايقات ، بل يمكن القول أنّ هذه المزاحمات والمضايقات جزء من كل يوم من أيّام الدنيا ، ولذلك نجد مثل هؤلاء الأشخاص يعيشون الغضب والحدّة باستمرار وفيما لو لم يستطيوا إبراز غضبهم في بعض الحالات فإنّ نار الغضب تستقر في ذواتهم وتحرق طاقاتهم الخيّرة وإمكاناتهم الإيجابية في عالم النفس.
وكما ورد في ذيل الحديث المذكور آنفاً عن السيد المسيح عليهالسلام أنّه أشار إلى هذا العامل : «وَشِدَّةُ الحِرصِ عَلى فُضُولِ المَالِ وَالجاهِ».
علاج الغضب :
ونظراً إلى أنّ الآثار السلبية والعواقب الوخيمة لحالات الغضب والحدّة كثيرة وخطرة جدّاً وأحياناً تؤدّي إلى تدمير حياة الإنسان على كل المستويات والصعد ، لذلك كان من الضروري بذل الجهد لعلاج هذه الرذيلة الأخلاقية ، وإلّا فإنّ الندم ينتظر هؤلاء الأشخاص ، وقد ذكر كبار علماء الأخلاق في هذا الباب أبحاثاً مهمّة وكثيرة ، والأهم من ذلك ما ورد من التعليمات الدينية في النصوص الإسلامية التي ذكرت إرشادات مؤثّرة لإطفاء نار الغضب في واقع الإنسان ، ونختار منها ما يلي :
__________________
١ ـ غرر الحكم.