لا يعرف حدّاً معيّناً ، وعلى سبيل المثال يمكننا بيان ما تقدّم من الفرق بين هذين النحوين من الغضب بالقول بأنّ الغضب المقدّس حاله حال السيل النازل من الجبال والمجتمع خلف السد حيث يتمّ الإستفادة منه بشكل منظّم ومحسوب ، مياهه تجري في قنوات خاصة وتتسبب في عمران المنطقة وزيادة البركة والخير العميم ، في حين أنّ الغضب الشيطاني حاله حال السيول المخرّبة التي تسيل من الجبال ولا تجد أمامها مانعاً من الموانع وبالتالي فإنّها تدّمر كل شيء تجده أمامها.
ونختم هذا الحديث بكلام عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث يقول : «إِنَّما المُؤمِنُ الَّذِي إِذا غَضَبَ لَم يَخرُجهُ غَضَبُهُ مِنْ الحِقِّ وَإِذا رَضَيَ لَم يَدخُلهُ رِضاهُ فِي باطِلٍ» (١).
الحلم وسعة الصدر :
النقطة المقابلة لحالة الغضب والحدّة المذمومة هي الحلم وضبط النفس وسعة الصدر كما ورد عن الإمام الحسن عليهالسلام عند ما سئل عن معنى الحلم فقال : «كَظمُ الغَيظِ وَمِلكُ النَّفسِ» (٢) ، ومن علاماته حسن التعامل مع الناس والمعاشرة بالمعروف مع الآخرين كما ورد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قوله : «لَيسَ بِحَليمٍ مَنْ لَمْ يُعاشِرِ بِالمَعرُوفِ مَنْ لا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعاشَرَتَهُ» (٣).
أمّا الأشخاص الذين يتحلّمون بسبب عجزهم وعدم قدرتهم على إشهار الغضب وممارسته فهم يفتقدون في الواقع لفضيلة الحلم وسعة الصدر ، لأنّهم كلّما وجدوا القدرة على ممارسة غضبهم وإخراجه إلى دائرة العمل يتحرّكون فوراً للإنتقام من الطرف الآخر كما ورد هذا المعنى في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال : «لَيسَ الَحلِيمُ مَنْ عَجَزَ فَهُجِمَ وإِذا قَدَرَ إنتَقَمَ إِنَّما الحَلِيمُ مَنْ إِذا قَدَرَ عَفى» (٤).
__________________
١ ـ بحار الانوار ، ج ٦٤ ، ص ٣٥٤.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ كنز العمال ، ج ٣ ، ص ١٣٠ ، ح ٥٨١٥.
٤ ـ غرر الحكم.