حدود لهذا الأجر حتّى الجنّة أيضاً يدلّ على أنّ هذا الأجر والثواب إلى درجة من العظمة والسعة أنّه لا يعلم مقداره إلّا الله تعالى.
أمّا «الآية الثانية» فناظرة إلى حادثة الإفك التي وقعت في صدر الإسلام ، يعني ما قام به بعض المنافقين من إتّهام إحدى زوجات النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بما ينافي العفة ولغرض الخدشة في شخصية النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وموقعيّة الإسلام ، فتشير الآية الشريفة إلى أنّ مسألة العفو والصفح مطلوبة في كل الأحوال حتّى تجاه المذنبين والملوّثين ، لأنّ هذه الآية نزلت عند ما أقسم بعض الصحابة بعد قضية الإفك أنّهم لن يساعدوا أي شخص من الأشخاص الذين اشتركوا في هذه الواقعة ، فمنعتهم عن استخدام أدوات العقاب وأمرتهم بالعفو والصفح تجاه هؤلاء الخاطئين وقالت : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ).
ثمّ تضيف الآية : إنّ على المؤمنين أن يسلكوا طريق العفو والصفح وتقول : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) ، في حين أنّكم تأملون من الله الرحمة والمغفرة ، فكذلك عليكم أن تسلكوا هذا الطريق تجاه الآخرين : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فيغفر لكم أيضاً ويرحمكم.
والملاحظة الملفتة للنظر هنا أنّ قضية الإفك كانت بمثابة مؤامرة خطيرة استهدفت الإسلام وشخصية النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، حيث تبنّى هذه المؤامرة جماعة من المنافقين ، ولكنّ بعض المسلمين الغافلين إنخدعوا بهذه الحيلة وتورّطوا في هذا الإثم ، ورغم ذلك فالقرآن الكريم يوصي المؤمنين بالعفو والصفح عن هؤلاء الغافلين الذين تورّطوا بهذه المؤامرة من موقع الجهل لا من موقع الخبث والحقد والنفاق ، وعليه فبالنسبة إلى المسائل الشخصية والامور الخاصة بالأفراد فالعفو يكون بطريق أولى.
أمّا الفرق بين (العفو) و (الصفح) فيقول الراغب في مفرداته ، إنّ العفو بمعنى المغفرة والصفح ترك اللّوم والتوبيخ والذي هو مرحلة أعلى من العفو ، لأنّه يمكن أن يعفو الإنسان