ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام قوله : «العَفوُ عَنِ المُقِرِّ لا عَنِ المُصِرِّ عَفو» (١).
وأيضاً ورد في الحديث الشريف عن هذا الإمام عليهالسلام أيضاً قوله : «جاز بِالحَسَنَةِ وَتَجاوَزَ عَنِ السَّيئَةِ ما لَم يَكُن ثَلماً فِي الدِّينِ أَو وَهناً فِي سُلطانِ الإسلامِ» (٢).
ففي مثل هذه الموارد يجب التحرّك على مستوى إلحاق الجزاء العادل بالمسيء.
وجاء في حديث آخر عن الإمام زين العابدين عليهالسلام في تأييد هذا المعنى حيث قال : «حَقٌ مَنْ أَساءَكَ أَنْ تَعفُوَ عَنهُ ، وَإِنْ عَلِمتَ أَنَّ العَفوَ عَنهُ يضِرُّ إِنتَصَرتَ قالَ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالَى وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعدَ ظُلِمهِ فَاولَئِكَ ما عَلَيهِم مِنْ سَبِيلٍ» (٣).
ولكن لا ينبغي أن يكون وجود هذا الاستثناء سبباً لسوء التصرّف في بعض الموارد وأن يجعلها بعض الناس ذريعة للإنتقام في مورد العفو بحجّة أنّ العفو هنا يتسبب في زيادة الجرأة لدى المذنب والمجرم ، بل ينبغي النظر بأخلاص وبعيداً عن حالات التعصّب إلى أصل العفو والصفح وموارد الاستثناء بدّقة كبيرة والعمل طبق هذه الموارد والاستثناءات.
والجدير بالذكر أنّ العفو في دائرة إجراء الحدود والتعزيرات الشرعية غير جائز إلّا في بعض الموارد المنصوصة في الروايات الإسلامية ، لأنّ إجراء الحد والتعزير يعدّ من الواجبات الشرعية في مواردها.
الآثار الإيجابية والثمار الطيبة للعفو والصفح :
رأينا أنّ العفو والصفح باعتبارهما من الفضائل الأخلاقية التي وردت كثيراً في الآيات والروايات الشريفة تجتمع فيها آثار إيجابية ومعطيات حميدة كثيرة في حركة الحياة الفردية والاجتماعية حيث يمكن بيان خلاصتها :
١ ـ إنّ سلوك طريق العفو والصفح يمكنه أن يبدّل العدو الشرس أحياناً الى صديق حميم وخاصة فيما لو كان متزامناً بالإحسان إلى الطرف المقابل ، أي بالإجابة بالحسنة مقابل
__________________
١ ـ المصدر السابق ، ح ٧٨٣ ، والمصدر نفسه ، ص ٣٣٠ ، ح ٧٨٣.
٢ ـ غرر الحكم.
٣ ـ ميزان الحمة ، ج ٣ ، ص ٢٠١٥ ، ح ١٣٢٢٥.