وبالطبع فما ذكرنا أعلاه هو من قبيل الآثار الإيجابية الدنيوية والبركات الاجتماعية للعفو والصفح ، وأمّا النتائج المعنوية والأجر والثواب الاخروي فأكثر من ذلك بكثير ، ونكتفي في هذا المعنى بحديث عن أمير المؤمنين صلىاللهعليهوآله يقول فيه : «العَفوُ مَعَ القُدرَةِ جُنَّةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ سُبحانَهُ» (١).
وأمّا أسباب ودوافع الانتقام والثأر فكثيرة أيضاً ومنها ضيق الافق والصدر وعدم النظر إلى المستقبل ، والحسد والحقد ، وضعف النفس ، واتباع الهوى ، والكثير من الصفات الذميمة الاخرى التي تدفع كل واحدة منها أو بضمّها إلى الاخرى الإنسان إلى السقوط في نار الانتقام وحالة الردّ بالمثل للتشفي والأخذ بالثأر ، وبالتالي زيادة النزاعات والصراعات بين الأفراد ممّا يفضي أخيراً إلى هدم نظام المجتمع وتلف الأموال والأنفس وهدر الطاقات والإمكانات للمجتمعات البشرية.
طرق علاج الانتقام وكسب فضيلة العفو :
إنّ أفضل الطرق لعلاج صفة الانتقام الرذيلة والصعود إلى أوج العزّة والكرامة باكتساب فضيلة العفو والصفح يكمن في الدرجة الاولى بالتفكر السليم حول معطيات وآثار كل واحد من هاتين الصفتين الأخلاقيتين ، فعند ما يرى الإنسان ما في العفو والصفح من البركات والمواهب والمعطيات الدنيوية والاخروية وكيف أنّه يتسبب في زيادة مكانته وعلو قدره وعزّته في نظر الخلق والخالق ويريح الإنسان من الكثير من المشكلات والمصاعب فيفتح له أبواب الحياة الكريمة ويثير المحبّة له في قلوب الناس ، في حين أنّ الانتقام والردّ بالمثل أحياناً يؤدّي إلى انهدام عناصر الخير في حياة الإنسان ويعرّض نفسه وماله وسمعته إلى الخطر الأكيد ، فحينئذٍ إذا قارن الإنسان بين هذه المعطيات الإيجابية والسلبية للطرفين فإنّه سيأخذ جانب العفو قطعاً ويرجحّه على جانب الانتقام ويستمر في سلوك هذا الطريق حتّى تحصل لديه ملكة أخلاقية لفضيلة العفو والصفح.
__________________
١ ـ غرر الحكم.