يكن يوسف عليهالسلام يقصد طلب السجن من الله تعالى بالذات ولغرض شخصي بل كان هدفه التخلص من ممارسة اللّامشروع وأنّه إذا خيّر بين السجن وبين الممارسة اللّامشروعة فإنّه يفضّل السجن على ذلك العمل.
وتأتي «الآية الثالثة» لتستعرض الأمر الإلهي للنساء المؤمنات بأنّه مضافاً إلى لزوم حفظ الحجاب فيجب عليهنّ أن لا يضربن بأرجلهن أثناء المشي في الطرقات لكي لا يسمع الأجنبي صوت الخلاخل من الزينة وتقول : (... وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ).
فنرى في هذه الآية الشريفة إقتران الغيرة مع العفّة إلى درجة أنّه لم يسمح للنسوة أن يضربن بأرجلهن فيسمع الرجال أصوات الخلاخل في أرجلهن ، وكما أشرنا آنفاً أنّ الإسلام يأمر نساء النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله (بعنوان كونهنّ اسوة وقدوة لسائر النساء المسلمات) أنّه عند ما يتحدّثن مع الغرباء فلا يخضعن بالقول ولا يرى الغريب عنصر المرونة واللطافة في كلامهنّ ولئلّا تتحرّك فيه عناصر الشر ، كل ذلك يعدّ تأكيداً لرعاية العفّة من جهة ، وكذلك الالتزام بفضيلة الغيرة من جهة اخرى.
الغيرة في الروايات الإسلامية :
ونقرأ في الروايات الإسلامية الأهمية الكبيرة التي يوليها الإسلام لمسألة الغيرة بعنوانها فضيلة أخلاقية في دائرة القيم والمثل والمعنوية والكمالية للإنسان وحتى أنّ الله تعالى وصف بالغيور (أي الذي يغار كثيراً) ومن ذلك :
١ ـ ما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إِنَّ اللهَ غَيُورٌ يُحِبُّ كُلَّ غَيُورٍ وَلِغيرَتِهِ حَرَّمَ الفَواحِشَ ظاهِرَها وَباطِنَها».
٢ ـ ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام أنّه قال : «إذا لَم يَغُرِ الرَّجُلُ فَهُوَ مَنكُوسُ القَلبِ» (١).
__________________
١ ـ فروع الكافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٦ ، ح ٢.