١٧
الأُلفة والانفراديّة
تنويه :
لقد بحث علماء الأخلاق هذا الموضوع تحت عنوان المعاشرة والعزلة في كتبهم الأخلاقية ، ونقرأ أحياناً في هذه الكتب اختلاف العلماء في أيّهما الأفضل ، المعاشرة مع الناس أو العزلة والانزواء؟ فقد يرى البعض أنّ العزلة أو الانزواء عن الناس أفضل من معاشرتهم والاختلاط بهم ، وبعض آخر رجحّ المعاشرة والاختلاط على العزلة ، وذهب ثالث إلى أنّ ذلك يختلف باختلاف الظروف والشرائط ، فتارة يكون الأول أفضل من الثاني واخرى بالعكس.
ولكن المحققين (وخاصة في عصرنا الحاضر) وبالاقتباس من الكتاب والسنة ودليل العقل يرون أنّ الأصل في حياة الإنسان هو أن يعيش حالة الأُلفة ، وذهبوا إلى أنّ الإنسان موجود اجتماعي ولا يتمكن من الصعود بمستواه الأخلاقي وتكامله المعنوي والنضج العقلي إلّا في ظل المجتمع والاختلاط مع الآخرين ، وبذلك يتسنى له التسريع في حلّ مشاكله والتخفيف من آلامه ووصوله إلى السعادة المنشودة.
هؤلاء يرون أنّ الانزواء أو العزلة لا تنسجم مع فطرة الإنسان السليمة ولا تتوافق مع روح التعليمات الإسلامية والقرآنية ، بل إنّ المفاهيم الإسلامية تؤكّد على الروح