وأمّا آثارها السلبيّة فليست خافيةً على أحد ، فهي تورط الإنسان في مشاكل بعيدة عنه كل البعد ، كما تورط بنو اسرائيل بالبقرة من خلال البحث عن التفاصيل الدقيقة في دائرة الطاعة وامتثال الأمر ، وما ترتب من صعوبة البحث عنها وثمنها الباهض ، فقد جاء في الحديث أنّهم جمعوا أموالهم كلها لشرائها ، وبعدها جاؤوا لموسى عليهالسلام يبكون ويشتكون بأننا قد أفلسنا وافتقرت قبيلتنا وأصبحنا نستعطي من الناس بسبب العناد ، فَرَقَّ لهم النبي موسى عليهالسلام وعلّمهم دعاءً يعينهم على مشاكلهم (١).
ومن افرازات هذه الرذيلة ومردوداتها السلبية على النفس هو الحرمان من فهم الحقائق التي تتولى تهيئة الأرضية لتكامل الإنسان ، لأنّ اللجاج لا يعطي الفرصة للإنسان لإصلاح الخطأ والإذعان للحقائق ، وعلى أثرها لا يستطيع التقدم والرقي في درجات الكمال.
والأثر الثالث لهذا الخلق الرديء ، هو العزلة الاجتماعية وابتعاد الناس عن الشخص الذي يعيش حالة العناد ، فالناس عموماً لا يحبّون اللجوج وينفرون منه ، وليس لديهم استعداد للتعاون معه والدخول معه في أجواء حقيقية من التكافل الاجتماعي ، لأنّ التعاون الاجتماعي يحتاج للمرونة والسماحة وغض النظر ، وهي أمور لا تتوفر في اللجوج.
وفوق هذا وذاك فمثل هؤلاء الأشخاص المغرورين ينعتون بالجهل وخفّة العقل في المجتمع ، ونفس سوء السمعة هذهِ يكون سبباً في عزلتهم وانزوائهم ، كما هو معروف في حديث دعائم الكفر عن الإمام علي عليهالسلام حيث قال : «وَمَنْ نازَعَ فِي الرَّأي وَخاصَمَ شَهُرَ بِالمَثلِ (بالفشل) مِنْ طُولَ اللِّجاجِ» (٢).
وخلاصة القول أنّ اللجاج والمماراة يبعد الإنسان عن الله والناس ، بل حتى عن نفسه ، ولن تصبح للإنسان مكانةً بين الناس إلّا بترك هذا الخلق السيّء.
الفرق بين الإستقامة واللجاج :
إذا ما اختار الإنسان طريق الخير ومسير الحق وثبت عليه ، فيكون قد عَمِل بأفضل
__________________
١ ـ بحار الانوار ، ج ١٣ ، ص ٢٧٢.
٢ ـ بحار الانوار ، ج ٦٩ ، ص ١١٩.