وفي حديث آخر عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله يقول : «مَنْ أُغتِيبَ عِندَهُ أَخُوهُ المُسلِمُ فاستَطاعَ نَصرَهُ وَلَم يَنصُرهُ خَذَلَهُ اللهُ فِي الدُّنيا والآخِرةِ» (١).
وفي حديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضاً أنّه قال : «إذا وَقَعَ فِي رَجُلٍ وَأَنْتَ فِي مَلاءٍ فَكُنْ لِلرَّجُلِ ناصِراً وَلِلقَومِ زاجِراً وَقُم عَنهُم» (٢).
وأيضاً ورد في الحديث النبوي الشريف قوله : «الساكِتُ شَرِيكُ المُغتَابِ» (٣).
ونختم هذا البحث بالحديث الشريف الوارد عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله أيضاً حيث قال : «ألا وَمَنْ تَطَوَّلَ عَلى أَخِيهِ فِي غَيبَةٍ سَمِعَها فِيهِ فِي مَجلِسٍ فَرَدَّها عَنهُ رَدَّ اللهُ عَنهُ أَلَفَ بابٍ مِنَ الشَّرِّ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ فإنْ هُوَ لَم يَرُدَّها وَهُو قادِرٌ عَلى رَدِّها كانَ عَلَيهِ كَوِزرِ مَنْ إِغتابَهُ سِبعِينَ مَرَّةً» (٤).
ويمكن أن تكون هذه الرواية ناظرة إلى الموارد التي يكون فيها الشخص المستمع من أصحاب النفوذ والمكانة الاجتماعية في حين أنّ المغتاب ليس كذلك ، ومن الواضح أنّ سكوت مثل هذا الشخص يترتب عليه نتائج وخيمة على مستوى هتك حرمة ذلك الشخص المسلم حيث يكون استماعه لذلك أكثر ضرراً من كلام المغتاب نفسه.
٢ ـ الغيبة حق الناس أو حق الله؟
وطبقاً لما ورد في تعريف الغيبة سابقاً يتّضح أنّ الغيبة من حقوق الناس لأنّها تتسبب في هتك حرمتهم وتسقيط شخصيتهم وإزهاق سمعتهم : ونعلم أنّ ماء وجه المسلم له من القيمة كما هو الحال في روح المسلم وماله وعرضه.
ومن التشبيه الوارد في الآية من سورة الحجرات حول الغيبة وأنّها كمن يأكل لحم أخيه ميتاً يتّضح جيداً أنّ الغيبة من حق الناس ؛ ومن الأحاديث الكثيرة يمكننا أن نستوحي هذا
__________________
١ ـ المصدر السابق ، ص ٢٣٣٩.
٢ ـ كنز العمال ، ح ٨٠٢٨.
٣ ـ آثار الصادقين ، ج ١٦ ، ص ٩٨.
٤ ـ من لا يحضره الفقه ، ج ٤ ، ص ٨ و ٩.