والمراد بالسر هنا : حديثهم مع أنفسهم ، والمراد بنجواهم : ما تكلم به بعضهم مع بعض دون أن يطلعوا عليه أحدا غيرهم.
أى : بل أيظن هؤلاء الجاهلون أننا لا نعلم ما يتحدثون به مع أنفسهم ، وما يتحدثون به مع غيرهم في خفية واستتار.
وقوله ـ سبحانه ـ : (بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) أى : إذا كانوا يظنون ذلك فقد خابوا وخسروا ، فإننا نعلم سرهم ونجواهم. ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم ، ملازمون لهم ، ويسجلون عليهم كل صغيرة وكبيرة.
وبعد هذا التهديد والوعيد لأولئك الكافرين .. تأخذ السورة الكريمة في تلقين الرسول صلىاللهعليهوسلم الحجة التي يجابهم بها ، وفي تسليته عما أصابه منهم ، وفي الثناء على الله ـ تعالى ـ بما هو أهله من تمجيد وتعظيم ، ثم تختتم بهذا النداء الخاشع من الرسول صلىاللهعليهوسلم لخالقه ـ عزوجل ـ فتقول :
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٨٩)