ـ تعالى ـ ، والشرط لا يلزم منه الوقوع ولا الجواز ـ أيضا ـ كما قال ـ تعالى ـ : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ ، سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (١).
وقال صاحب الكشاف ـ رحمهالله ـ : قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ ..) وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح .. (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) أى : فأنا أول من يعظم ذلك الولد ، وأسبقكم إلى طاعته ..
وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض ، وهو المبالغة في نفى الولد ، والإطناب فيه .. وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد ، وهي محال في نفسها ، فكان المعلق بها محالا مثلها .. (٢).
ويرى بعض العلماء أن (إِنْ) في الآية نافية بمعنى ما ، فيكون المعنى : قل ـ أيها الرسول ـ لهؤلاء الكافرين : ما كان للرحمن من ولد ، وما صح وما أمكن ذلك ، فهو مستحيل عقلا وشرعا ... وما دام الأمر كذلك ، فأنا أول العابدين لله ـ تعالى ـ المنزهين له عن الولد والشريك وغيرهما.
قال الإمام القرطبي : قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ ...) اختلف في معناه. فقال ابن عباس والحسن والسدى : المعنى : ما كان للرحمن ولد. (إِنْ) بمعنى ما ، ويكون الكلام على هذا تاما ، ثم تبتدى بقوله ـ تعالى ـ (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ).
وقيل المعنى : قل يا محمد ، إن ثبت له ولد ، فأنا أول من يعبد ولده ، ولكن يستحيل أن يكون له ولد ، وهو كما تقول لمن تناظره : إن ثبت ما قلت بالدليل ، فأنا أول من يعتقده ، وهذا مبالغة في الاستبعاد ، أى : لا سبيل إلى اعتقاده ..
و (إِنْ) على هذا للشرط ، وهو الأجود.
وقيل إن معنى (الْعابِدِينَ) الآنفين. وقال بعض العلماء لو كان كذلك لكان العبدين .. بغير ألف ، يقال : عبد ـ بكسر الباء ـ يعبد عبدا ـ بفتحها ـ إذا أنف وغضب فهو عبد ، والاسم العبدة ، مثل الأنفة .. (٣).
ويبدو لنا أن الرأيين يؤديان إلى نفى أن يكون لله ـ تعالى ـ ولد وإن كان الرأى الأول ـ وهو أنّ حرف (إِنْ) للشرط ـ هو المتبادر من معنى الآية وعليه جمهور المفسرين.
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٢٣٨.
(٢) راجع تفسير الكشاف ج ٤ ص ٢٦٥.
(٣) تفسير القرطبي ج ١٦ ص ١٢٠.