بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «الدخان» من السور المكية ، وعدد آياتها : تسع وخمسون آية في المصحف الكوفي ، وسبع وخمسون في البصري ، وست وخمسون في غيرهما. وكان نزولها بعد سورة «الزخرف».
٢ ـ وقد افتتحت بالثناء على القرآن الكريم ، وأنه قد أنزله ـ سبحانه ـ في ليلة مباركة ، قال ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ. فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ..).
٣ ـ ثم تحدثت عن جانب من العقوبات الدنيوية التي عاقب الله ـ تعالى ـ بها كفار قريش ، وذكرت ما تضرعوا به إلى الله لكي يكشف عنهم ما نزل بهم من بلاء ، فلما كشفه ـ تعالى ـ عنهم عادوا إلى كفرهم وعنادهم ...
قال ـ تعالى ـ : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ. فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ..).
٤ ـ ثم ساقت جانبا من قصة فرعون مع موسى ـ عليهالسلام ـ ، فبينت أن موسى دعا فرعون وقومه إلى وحدانية الله ـ تعالى ـ ، ولكنهم أصروا على كفرهم ، فكانت عاقبتهم الإغراق في البحر ، دون أن يحزن لهلاكهم أحد ، وأنهم قد تركوا من خلفهم ما تركوا من جنات ونعيم ..
قال ـ تعالى ـ : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ. فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ..)
٥ ـ وبعد أن هددت السورة الكريمة مشركي مكة على أقوالهم الباطلة في شأن البعث ، وردت عليهم بما يدحض حجتهم ، أتبعت ذلك ببيان سوء عاقبة الكافرين ، وحسن عاقبة المؤمنين ، وختمت بتسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم عما أصابه من أذى ، ووعدته بالنصر على أعدائه ، قال ـ تعالى ـ : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ).
٦ ـ هذا والمتدبر في هذه السورة الكريمة يراها تمتاز بقصر الآيات ، وبأسلوبها الذي تبرز فيه