(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ـ سبحانه ـ (يُحْيِي) من يريد إحياءه ، (وَيُمِيتُ) من يريد إماتته ، هو ـ تعالى ـ (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ).
أى : هو ـ سبحانه ـ الذي تعهدكم بالرعاية والتربية والخلق ، كما فعل ذلك مع آبائكم الأولين ، الذين أنتم من نسلهم ..
ثم بين ـ سبحانه ـ أحوال الكافرين ، وكيف أنهم عند ما ينزل يهم العذاب ، يجأرون إلى الله ـ تعالى ـ أن يكشفه عنهم. فقال ـ تعالى ـ :
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) (١٦)
و (بَلْ) في قوله ـ تعالى ـ : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) للاضراب الإبطالى ، لأن المقصود من الآية الكريمة ، نفى إيقانهم بأن خالق السموات والأرض هو الله ، لعدم جريهم على ما يقتضيه هذا الإيقان ، لأنهم لو كانوا موقنين حقا بذلك ، لأخلصوا لله ـ تعالى ـ العبادة والطاعة.
فيكون المعنى : إن هؤلاء الكفار لم يكونوا موقنين بأن رب السموات والأرض وما بينهما هو الله ، بل قالوا ما قالوا في ذلك على سبيل الشك واللعب.
قال الآلوسى : «قوله : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ ...) إضراب إبطالى ، أبطل به إيقانهم لعدم جريهم على موجبه ، وتنوين (شَكٍ) للتعظيم ، أى : في شك عظيم. (يَلْعَبُونَ) أى : لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان ، بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعب. وهذه الجملة خبر بعد خبر لهم .. والالتفات عن خطابهم لفرط عنادهم ، وإهمال أمرهم ..» (١).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٥ ص ١١٦.