كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) (٥٩)
أى : إن الذين اتقوا الله ـ تعالى ـ وصانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضيه سيكونون يوم القيامة (فِي مَقامٍ أَمِينٍ) أى : في مكان يأمن معه صاحبه من كل خوف.
فالمراد بالمقام ـ بالفتح ـ موضع القيام ، أى : الثبات والملازمة. وقرأ ابن عامر ونافع ، (مَقامٍ) ـ بضم الميم ـ أى : موضع الإقامة. والمراد أنهم في مكان أو مجلس لا خوف فيه ولا مكروه.
وقوله : (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) بدل من (مَقامٍ أَمِينٍ) بإعادة حرف الجر أى : هم في مكان آمن ، تتوسطه وتحيط به البساتين الناضرة ، وعيون الماء المتفجرة.
(يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ) والسندس هو أجود أنواع الحرير وأرقه ، واحده سندسة.
(وَإِسْتَبْرَقٍ) وهو ما كان سميكا من الديباج والحرير.
(مُتَقابِلِينَ) أى : يجلسون في مجالس متقابلة ، بحيث ينظر بعضهم إلى بعض.
(كَذلِكَ) أى : الأمر كذلك. من أن المتقين لهم كل هذا النعيم.
(وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) أى : وزوجناهم بنساء يحار الطرف فيهم لجمالهن وحسنهن ، والحور : جمع حوراء .. وهي التي يحار الطرف فيها لفرط جمالها. والعين : جمع عيناء. وهي التي اتسعت عينها في حسن وجمال.
(يَدْعُونَ فِيها) أى : في الجنات (بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ).
أى : يطلبون ويأمرون غيرهم بأن يحضر لهم كل ما يشتهونه من فاكهة أو غيرها ، فيلبي طلبهم وهم آمنون في أماكنهم من كل خوف أو ضرر.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن بقاءهم في تلك الجنات بقاء دائم فقال : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى ، وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ).