التفسير
قال الله ـ تعالى ـ :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٥)
سورة «الجاثية» من السور التي افتتحت ببعض حروف التهجي ، وقد سبق أن قلنا ، إن هذه الحروف الرأى الراجح في معناها ، أنها سيقت للتنبيه على إعجاز القرآن ، وعلى أنه من عند الله ـ عزوجل ـ.
وقوله ـ سبحانه ـ : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) بيان لمصدر هذا القرآن ، وأنه من عند الله ـ تعالى ـ لا من عند غيره.
أى : هذا القرآن من الله ـ تعالى ـ صاحب العزة التي لا عزة سواها ، وصاحب الحكمة التي لا تقاربها حكمة ، فهو ـ سبحانه ـ القاهر فوق عباده وهو الحكيم في كل تصرفاته.
ثم ساق ـ سبحانه ـ ستة أدلة على وحدانيته ، وكمال قدرته ، وجلال عظمته ويتمثل الدليل الأول في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) أى : إن في خلق هذه السموات المزينة بالمصابيح ، والتي لا ترى فيه من تفاوت ، والمرفوعة بغير عمد ... وفي خلق الأرض الممهدة المفروشة المثبتة بالجبال .. في كل ذلك لبراهين ساطعة للمؤمنين ، على أن الخالق لهما هو الله ـ تعالى ـ وحده ، المستحق للعبادة والطاعة.