القتل بأشنع صورة ، وهو حز العنق ، وإطارة العضو الذي هو رأس البدن (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) بيان لما يكون من المؤمنين بعد مثل حركة أعدائهم ، وإنزال الهزيمة بهم.
وقوله : (أَثْخَنْتُمُوهُمْ) من الإثخان بمعنى كثرة الجراح ، مأخوذ من الشيء الثخين ، أى : الغليظ. يقال : أثخن الجيش في عدوه ، إذا بالغ في إنزال الجراحة الشديدة به ، حتى أضعفه وأزال قوته.
والوثاق ـ بفتح الواو وكسرها ـ اسم للشيء الذي يوثق به الأسير كالرباط أى : عند لقائكم ـ أيها المؤمنون ـ لأعدائكم ، فاضربوا أعناقهم ، فإذا ما تغلبتم عليهم وقهرتموهم ، وأنزلتم بهم الجراح التي تجعلهم عاجزين عن مقاومتكم ، فأحكموا قيد من أسرتموه منهم ، حتى لا يستطيع التفلت أو الهرب منكم.
وقوله ـ سبحانه ـ (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) إرشاد لما يفعلونه بعد ذلك.
والمن : الإطلاق بغير عوض ، يقال : منّ فلان على فلان إذا أنعم عليه بدون مقابل.
والفداء : ما يقدمه الأسير من أموال أو غيرها لكي يفتدى بها نفسه من الأسر.
وقوله : (مَنًّا) و (فِداءً) منصوبان على المصدرية بفعل محذوف : أى : فإما تمنون عليهم بعد الأسر منا بأن تطلقوا سراحهم بدون مقابل ، وإما أن تفدوا فداء بأن تأخذوا منهم فدية في مقابل إطلاق سراحهم.
وقوله ـ سبحانه ـ (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) غاية لهذه الأوامر والإرشادات.
وأوزار الحرب : آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها ، كالسلاح وما يشبه.
قال الشاعر :
وأعددت للحرب أوزارها |
|
رماحا طوالا وخيلا ذكورا |
أى : افعلوا بهم ما أمرناكم بفعله ، واستمروا على ذلك حتى تنتهي الحرب التي بينكم وبين أعدائكم بهزيمتهم وانتصاركم عليهم.
وسميت آلات الحرب وأحمالها بالأوزار ، لأن الحرب لما كانت لا تقوم إلا بها ، فكأنها تحملها وتستقل بها ، فإذا انقضت الحرب فكأنها وضعت أحمالها وانفصلت عنها.
ثم بين ـ سبحانه ـ الحكمة من مشروعية قتال الأعداء ، مع أنه ـ سبحانه ـ قادر على
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ٣١٦.