بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «الحجرات» من السور المدنية الخالصة ، وعدد آياتها ثماني عشرة آية ، وكان نزولها بعد سورة «المجادلة».
٢ ـ والذي يتدبر هذه السورة الكريمة ، يراها قد اشتملت على أسمى الآداب ، وأبلغ العظات ، وأحكم الهدايات ، فهي تبدأ بنداء للمؤمنين ، تعلمهم فيه ما يجب عليهم نحو خالقهم ـ سبحانه ـ ، ونحو نبيهم صلىاللهعليهوسلم من أدب.
قال ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ، وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ، أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ.).
٣ ـ ثم وجهت إليهم نداء ثالثا أمرتهم من خلاله بالتثبت من صحة الأخبار التي تصل إلى مسامعهم ، وبينت لهم جانبا من مظاهر فضل الله عليهم.
قال ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ. وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ، وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ ، وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ، وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ، أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ. فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
٤ ـ ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عما يجب على المؤمنين نحو إخوانهم في العقيدة ، إذا ما دب بينهم نزاع أو قتال ، فأمرت بالإصلاح بينهم ، وبمقاتلة الفئة الباغية إذا ما أبت الصلح ، وأصرت على بغيها ..
قال ـ سبحانه ـ : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ، فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ، فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ، وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
٥ ـ ثم وجهت بعد ذلك إلى المؤمنين نداء رابعا نهتهم فيه عن أن يسخر بعضهم من بعض ،