بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «ق» هي السورة الخمسون في ترتيب المصحف ، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة «المرسلات».
ويبدو أن نزولها كان في أوائل العهد المكي ، إذ من يراجع ترتيب السور على حسب النزول يرى أنها لم يسبقها سوى اثنتين وثلاثين سورة ، ومعظم السور التي سبقتها كانت من الجزء الأخير من القرآن الكريم (١).
وهي من السور المكية الخالصة ، وعدد آياتها خمس وأربعون آية ، وتسمى ـ أيضا ـ بسورة «الباسقات».
٢ ـ وقد ذكر الإمام ابن كثير في مقدمة تفسيره لها جملة من الأحاديث في فضلها ، منها ما رواه مسلم وأهل السنن ، عن أبى واقد الليثي ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ في العيد بسورة «ق» وبسورة (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ...).
وروى الإمام أحمد عن أم هشام بنت حارثة قالت : ما أخذت (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) إلا على لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كان يقرؤها كل يوم جمعة إذا خطب الناس.
ثم قال ابن كثير : والقصد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار ، كالعيد والجمع ، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور ، والمعاد والقيام ، والحساب ، والجنة والنار ، والثواب والعقاب ، والترغيب والترهيب .. (٢).
٣ ـ والحق ، أن المتأمل في هذه السورة الكريمة يراها قد اشتملت على ما ذكره الإمام ابن كثير ، بأسلوب بليغ بديع.
فهي تبدأ بالثناء على القرآن الكريم ، ثم تذكر دعاوى المشركين وترد عليهم بما يخرس ألسنتهم ، ثم توبخهم على عدم تفكرهم في أحوال هذا الكون الزاخر بالآيات والكائنات الدالة على وحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته.
__________________
(١) راجع الإتقان في علوم القرآن ج ١ ص ٢٧ للإمام السيوطي.
(٢) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٣٧٠.