حجة أو دليل ، فهم أشبه ما يكونون بقطيع الأنعام الذي يسير خلف قائده دون أن يعرف إلى أى طريق يسير ..
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها ، إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ ، وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم عما أصابه منهم من أذى ، ومن قول باطل.
والكاف بمعنى مثل. واسم الإشارة ذلك يعود إلى حال الكافرين من قبلهم.
أى : لا تحزن ـ أيها الرسول الكريم ـ لما تراه من إعراض المشركين عن دعوتك. فإن شأنهم كشأن سابقيهم في الكفر والضلال ، فإننا ما أرسلنا من قبلك من رسول في قرية من القرى ، أو في قوم من الأقوام ، إلا قال المنعمون منهم ، والذين أبطرهم الترف لمن جاءهم بالحق : إنا وجدنا آباءنا على دين وطريقة تؤم وتقصد ، وإنا على آثارهم ، وعلى نهجهم ، مقتدون. أى : مقتدون بهم في عبادتهم وأفعالهم.
وخص المترفين بالذكر ، لأنهم القادة الذين صرفهم التنعم وحب الجاه والسلطان ، عن النظر والتدبر والاستماع للحق ، وجعلهم يستحبون العمى على الهدى.
وهنا يحكى القرآن رد الرسول صلىاللهعليهوسلم فيقول : (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ ..)
أى : قال الرسول صلىاللهعليهوسلم لقومه الذين أصروا على تقليد آبائهم في الكفر والضلال : أتتبعون آباءكم وتقتدون بهم في الكفر ، حتى ولو جئتكم بدين أهدى وأصوب مما كان عليه آباؤكم؟
وقوله : ـ تعالى ـ : (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ ...) قراءة ابن عامر وحفص عن عاصم. وقرأ الجمهور قل أولو جئتكم ... على أن الأمر للرسول صلىاللهعليهوسلم.
وقوله ـ تعالى ـ : (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) أى : قال المترفون في الرد على رسلهم : إنا بما أرسلتم به من الهدى والدعوة إلى الدين الحق كافرون ، وباقون على الدين الذي كان عليه آباؤنا.
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) بيان للعاقبة السيئة التي حاقت بهم بسبب إصرارهم على كفرهم وتقليدهم لآبائهم.
أى : قالوا للرسل هذا القول الذي يدل على إيثارهم الغي على الرشد ، فانتقمنا منهم. بأن أخذناهم أخذ عزيز مقتدر ، فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة. ومنهم