الدنيا مخلصين وجوههم لنا ، وجاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا ..
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) أى : ونساؤكم المؤمنات (تُحْبَرُونَ) أى : تسرون وتتلذذون بتلك النعم التي أنعم بها ـ سبحانه ـ عليكم.
فالمراد بأزواجهم هنا : نساؤهم ، لأن في هذه الصحبة تلذذا أكثر ، ونعيما أكبر.
والإضافة في قوله (أَزْواجُكُمْ) للاختصاص التام ، فتخرج الأزواج غير المؤمنات.
ومنهم من يرى أن المراد بقوله (وَأَزْواجُكُمْ) : نظراؤكم وأشباهكم في الطاعة لله ـ تعالى ـ.
أى : ادخلوا الجنة أنتم وأشباهكم في الإيمان والطاعة ، دخولا لا تنالون معه إلا الفرح الدائم ، والسرور الذي لا انقطاع له.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ. هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ).
ثم بين ـ سبحانه ـ مظاهر أخرى لتكريمه لهؤلاء العباد فقال : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ ...).
والصحاف : جمع صحفة ، وهي الآنية الواسعة الكبيرة التي توضع فيها الأطعمة.
والأكواب : جمع كوب وهو ما يوضع فيه الشراب.
وفي الكلام حذف يعرف من السياق ، والتقدير : يقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ، فإذا ما دخلوها واستقروا فيها ، يطاف عليهم بأطعمة وأشربة في أوان من ذهب.
ولم تذكر الأطعمة والأشربة للعلم بها ، إذ لا معنى للطواف بالصحاف والأكواب وهي فارغة ..
(وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) أى : وفي الجنة التي دخلوها كل ما تشتهيه الأنفس من أنواع المشتهيات ، وكل ما تتلذذ بين الأعين وتسر برؤيته.
(وَأَنْتُمْ) أيها المؤمنون (فِيها خالِدُونَ) خلودا أبديا لا نهاية له.
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذا التكريم لعباده بقوله : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ).
واسم الإشارة (تِلْكَ) مبتدأ وخبره (الْجَنَّةُ) وما بعدهما صفة الجنة .. وفي الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب على سبيل التشريف.