وحذف المفعول في قوله : (كَذَّبَتْ عادٌ) للعلم به وهو نبيهم هود ـ عليهالسلام ـ أى : كذبت قبيلة عاد نبيها هودا ـ عليهالسلام ـ.
والاستفهام في قوله ـ سبحانه ـ : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) للتهويل ، ولتشويق السامعين إلى معرفة العذاب الشديد الذي حل بهم. أى : كذبت قبيلة عاد نبيها ، فهل علمتم ما حل بها من دمار وهلاك؟ إن كنتم لم تعلموا ذلك فهاكم خبره ..
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً ...) أى : إنا أرسلنا عليهم ريحا شديدة البرودة والقوة ، ذات صوت هائل.
(فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) أى : في يوم مشئوم عليهم ، وشؤمه دائم ومستمر لم ينقطع عنهم حتى دمرهم.
قال ابن كثير : قوله : (مُسْتَمِرٍّ) أى : مستمر عليهم نحسه ودماره ، لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروى .. (١).
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ ، لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) (٢).
وإضافة «يوم» إلى «نحس» من إضافة الزمان إلى ما يقع فيه ، كقولهم : يوم فتح خيبر ...
والمراد أنه يوم منحوس ومشئوم بالنسبة لهؤلاء المهلكين ، وليس المراد أنه يوم منحوس بذاته ، لأن الأيام يداولها الله ـ تعالى ـ بين الناس ، بمقتضى إرادته وحكمته.
وقوله : (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) بيان لقوة هذه الريح وشدتها ..
والنزع : الإزالة للشيء بعنف ، حتى يزول عن آخره ، وينفصل عما كان متصلا به.
والمراد بالناس : هؤلاء المهلكين من قوم هود ـ عليهالسلام ـ.
والأعجاز : جمع عجز ، وهو مؤخر الشيء وأسفله. وأعجاز النخل : أصولها التي تقوم عليها. والمراد بها هنا : النخل بتمامه ما عدا الفروع.
وقوله : (مُنْقَعِرٍ) اسم فاعل انقعر ، مطاوع قعره أى : بلغ قعره بالحفر ، يقال : قعر فلان البئر إذا بلغ قعرها في الحفر ، وهو صفة للنخل. أى : أن الريح لشدتها وقوتها ، كانت
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٣٦٤.
(٢) سورة فصلت الآية ١٦.