وجواب «إذا» في قوله ـ سبحانه ـ : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) محذوف لتهويل أمره ..
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَكانَتْ وَرْدَةً) تشبيه بليغ ، أى : فكانت كالوردة في الحمرة.
والوردة جمعها ورود ، وهي زهرة حمراء معروفة ذات أغصان شائكة. والدهان : ما يدهن به الشيء .. أى : فإذا انشقت السماء ، فصارت حين انشقاقها وتصدعها ، كالوردة الحمراء في لونها ، وكالدهان الذي يدهن به الشيء في ذوبانها وسيلانها ، رأيت ما يفزع القلوب ، ويزلزل النفوس من شدة الهول.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً. الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ ، وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً ، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ. وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ ..) (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ، وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ ، وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) (٣).
ثم بين ـ سبحانه ـ ما يترتب على هذا الانشقاق والذوبان للسماء من أهوال فقال : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ). أى : ففي هذا اليوم العصيب ، وهو يوم الحشر ، لا يسأل عن ذنبه أحد ، لا من الإنس ولا من الجن.
أى : أنهم لا يسألون عن ذنوبهم عند خروجهم من قبورهم ، وإنما يسألون عن ذلك في موقف آخر ، وهو موقف الحساب والجزاء ، إذ في يوم القيامة مواقف متعددة.
وبذلك يجاب عن الآيات التي تنفى السؤال يوم القيامة ، والآيات التي تثبته ، كقوله ـ تعالى ـ : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ).
وبعضهم يرى أن السؤال المنفي في بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام ، والسؤال المثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع .. عن الأسباب التي جعلتهم ينحرفون عن الطريق المستقيم ، ويسيرون في طريق الفسوق والعصيان ...
__________________
(١) سورة الفرقان الآيتان ٢٥ ، ٢٦.
(٢) سورة الحاقة الآيات ١٣ ـ ١٦.
(٣) سورة المعارج الآيات ٨ ـ ١٠.