إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٩٦)
والاستفهام في قوله ـ تعالى ـ : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) للإنكار والتوبيخ. وهو داخل على مقدر.
والمراد بالحديث : القرآن الكريم ، وما تضمنه من هدايات وإرشادات وتشريعات ..
وقوله : (مُدْهِنُونَ) من الإدهان وأصله جعل الجلد ونحوه مدهونا بشيء من الدهن ليلين ، ثم صار حقيقة عرفية في الملاينة والمسايرة والمداراة ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ).
والمراد به هنا : تظاهر المشركين بمهادنة الرسول صلىاللهعليهوسلم وبما جاء به من قرآن كريم ، وإبداؤهم من اللين خلاف ما يبطنون من المكر والبغضاء.
ويصح أن يكون الإدهان هنا : بمعنى التكذيب والنفاق ، إذ أن هذه المعاني ـ أيضا ـ تتولد عن المداهنة والمسايرة.
أى : أتعرضون ـ أيها المشركون ـ عن الحق الذي جاءكم به رسولنا صلىاللهعليهوسلم فتظهرون أمامه بمظهر المداهن والمهادن ، الذي يلين أمام خصمه ، ولا يقابله بالشدة والحزم : مع أنه في الوقت نفسه يضمر له أشد أنواع السوء والكراهية؟ ..
إذا كان هذا شأنكم ، فاعلموا أن تصرفكم هذا لا يخفى علينا؟! ..
وقوله ـ سبحانه ـ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون معطوف على ما قبله من باب عطف الجملة على الجملة. والكلام على حذف مضاف.
والمعنى : أتعرضون عن هذا القرآن على سبل المداهنة والملاينة ، وتجعلون شكر نعمة رزقنا