بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «المجادلة» ـ بفتح الدال وكسرها والثاني أظهر ، لأن افتتاح السورة في المرأة التي جادلت النبي صلىاللهعليهوسلم في شأن زوجها ـ.
وهذه السورة : هي السورة الثامنة والخمسون في ترتيب المصحف ، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة «المنافقون» ، وقبل سورة «التحريم».
وعدد آياتها ثنتان وعشرون آية في المصحف الكوفي والبصري والشامي ، وإحدى وعشرون آية في المصحف المكي والمدني.
٢ ـ وهي من السور المدنية الخالصة. ومن قال بأن فيها آيات مكية ، لم يأت بدليل يعتمد عليه في ذلك.
قال القرطبي : «هذه السورة مدنية في قول الجميع ، إلا رواية عن عطاء : أن العشر الأول منها مدني ، وباقيها مكي. وقال الكلبي : نزل جميعها بالمدينة. غير قوله ـ تعالى ـ : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) نزلت بمكة» (١).
٣ ـ وقد افتتحت سورة «المجادلة» بالحديث عن المرأة التي جادلت النبي صلىاللهعليهوسلم في شأن زوجها ، وقد أصدر ـ سبحانه ـ حكمه العادل في مسألتها ، مبينا حكم الظهار فقال ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ، ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ، ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ ، وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ).
٤ ـ ثم انتقلت السورة إلى الحديث عن الذين يحادون الله ورسوله فبينت سوء عاقبتهم ، لأن الله ـ تعالى ـ لا يخفى عليه شيء من أحوالهم ، فهو ـ سبحانه ـ (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٢٦٩.