اليهود ، قال اليهود للنبي صلىاللهعليهوسلم : يا محمد إنك تنهى عن الفساد ، فما بالك تأمر بقطع النخيل؟ فأنزل الله هذه الآية.
وقيل : إن المسلمين بعد أن قطعوا بعض النخيل ، ظنوا أنهم قد أخطئوا في ذلك ، فقالوا :
لنسألن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآية.
وقيل : إن المسلمين نهى بعضهم بعضا عن قطع النخيل ، وقالوا إنما هي مغانم المسلمين ، فنزلت هذه الآية ؛ لتصديق من نهى عن القطع ، وتحليل من قطع من الإثم.
والمعنى : لا تختلفوا ـ أيها المؤمنون ـ في شأن ما فعلتموه بنخيل بنى النضير ، فإن الذي قطع شيئا من هذه النخيل لا إثم عليه ، والذي لم يقطع لا إثم عليه ـ أيضا ـ لأن كلا الأمرين بإذن الله ـ تعالى ـ ورضاه ، وفي كليهما مصلحة لكم.
لأن من قطع يكون قد فعل ما يغيظ العدو ويذله ، ويحمله على الاستسلام والخضوع لأمركم ..
ومن ترك يكون قد فعل ما يعود بالخير عليكم ، لأن تلك النخيل الباقية ، منفعتها ستئول إليكم ...
وقد شرع ـ سبحانه ـ لكم كلا الأمرين في هذا المقام (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) عن أمره ، وهم يهود بنى النضير ، ومن ناصرهم ، وأيدهم ، وسار على طريقتهم في الخيانة والغدر.
فالآية الكريمة المقصود بها : إدخال المسرة والبهجة في قلوب المؤمنين ، حتى لا يتأثروا بما حدث منهم بالنسبة لنخيل بنى النضير ، وحتى يتركوا الخلاف في شأن هذه المسألة ، بعد أن صدر حكم الله ـ تعالى ـ فيها ، وهو أن القطع والترك بإذنه ورضاه ، لأن كلا الأمرين يغرس الحسرة في قلوب الأعداء ..
وعبر ـ سبحانه ـ باللينة عن النخلة ، لأن لفظ «لينة» أخف لفظا ، وأدخل في كونها نخلة من كرام النخل.
وقال ـ سبحانه ـ : (أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها) لتصوير هيئتها وحسنها وأن فروعها قد بقيت قائمة على أصولها ، التي هي جذورها وجذوعها.
قال الآلوسى : وقوله : (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) متعلق بمقدر على أنه علة له ، وذلك المقدر عطف على مقدر آخر. أى : ليعز المؤمنين ، وليخزى الفاسقين أى : ليذلهم ..
والمراد بالفاسقين : أولئك الذين كفروا من أهل الكتاب. ووضع الظاهر موضع المضمر ،