أى : فكان عاقبة ذلك الشيطان وذلك الإنسان ، أنهما في النار ، حالة كونهما خالدين فيها خلودا أبديا ، وكذلك حال المنافقين واليهود ...
(وَذلِكَ) الخلود في النار (جَزاءُ الظَّالِمِينَ) الذين تجاوزوا حدود الله ـ تعالى ـ وحاربوا أولياءه ـ سبحانه ـ.
والمراد بالشيطان والإنسان جنسهما ، وقد ذكر بعضهم هنا قصصا تدل على أن المراد بالإنسان شخص معين ، وقد أضربنا عنها صفحا لضعفها .. (١).
وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذمت المنافقين واليهود ذما شنيعا ، وأضعفت من شأنهم ، وساقت لهم من الأمثلة ما يجعل المؤمنين يستخفون بهم ، ويجاهدونهم بغلظة وشدة.
ثم وجه ـ سبحانه ـ نداء إلى المؤمنين أمرهم فيه بتقواه وبتقديم العمل الصالح الذي ينفعهم يوم يلقونه ، ونهاهم عن التشبه بالقوم الفاسقين .. فقال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٢١)
والمراد بالغد في قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ ...) يوم القيامة ..
أى : يا من آمنتم بالله ـ تعالى ـ حق الإيمان (اتَّقُوا اللهَ) أى صونوا أنفسكم عن كل ما يغضب الله ـ تعالى ـ ، وراقبوه في السر والعلن. وقفوا عند حدوده فلا تتجاوزوها.
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٣٤١ ، وتفسير القرطبي ج ١٨ ص ٣٨.