بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة التغابن هي السورة الرابعة والستون في ترتيب المصحف ، أما نزولها على النبي صلىاللهعليهوسلم فكان ـ كما ذكره صاحب الإتقان بعد سورة «الجمعة» وقبل سورة «الصف». وعدد آياتها ثماني عشرة آية.
٢ ـ وجمهور المفسرين على أنها من السور المدنية.
قال الشوكانى : وهي مدنية في قول الأكثر ، وقال الضحاك : هي مكية ، وقال الكلبي :
هي مكية ومدنية.
أخرج ابن الضريس عن ابن عباس أنه قال : نزلت سورة التغابن بالمدينة.
وفي رواية أخرى عنه : أنها نزلت بمكة إلا آيات من آخرها نزلن بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعى ، شكا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جفاء أهله وولده ، فأنزل الله ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ..) إلى آخر السورة (١).
ويبدو لنا أن بعض آيات هذه السورة يغلب عليها طابع القرآن المكي ، كالآيات التي تتحدث عن مظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ وعن إنكار المشركين للبعث والرد عليهم.
لذا نرجح ـ والله أعلم ـ أن النصف الأول منها من القرآن المكي ، والنصف الأخير من القرآن المدني.
٣ ـ والسورة الكريمة بعد ذلك من أهم مقاصدها : تنزيه الله ـ تعالى ـ عن الشريك أو الولد ، وبيان ألوان من مظاهر قدرته ومننه على خلقه ، والرد على المشركين الذين زعموا أنهم لن يبعثوا ، والمقارنة بين حسن عاقبة الأخيار وسوء عاقبة الأشرار ، وبيان أن كل شيء يقع في
__________________
(١) تفسير فتح القدير للشوكانى ج ٥ ص ٢٣٤.