أى : فاتقوا الله ـ تعالى ـ في كل ما تأتون وما تذرون ، واسمعوا ما يبلغكم إياه رسولنا عنا سماع تدبر وتفكر ، وأطيعوه في كل ما يأمركم به أو ينهاكم عنه.
(وَأَنْفِقُوا) مما رزقكم الله ـ تعالى ـ من خير ، يكن ذلك الإنفاق (خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) في دنياكم وفي آخرتكم.
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) أى : ومن يستطع أن يبعد نفسه عن الشح والبخل.
(فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أى : الفائزون فوزا تاما لا نقص معه.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بالحض على الإنفاق في سبيله فقال : (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً ، يُضاعِفْهُ لَكُمْ).
أى : إن تبذلوا أموالكم في وجوه الخير التي يحبها الله ـ تعالى ـ ، بذلا مصحوبا بالإخلاص وطيب النفس ، يضاعف الله ـ تعالى ـ لكم ثواب هذا الإنفاق والإقراض بأن يجعل لكم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.
(وَيَغْفِرْ لَكُمْ) فضلا عن ذلك ذنوبكم ببركة هذا الإنفاق الخالص لوجهه الكريم.
(وَاللهُ شَكُورٌ) أى : كثير الشكر لمن أطاعه (حَلِيمٌ) لا يعاجل بالعقوبة المذنبين.
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أى : هو ـ سبحانه ـ يعلم علما تاما ما كان خافيا عليكم وما كان ظاهرا لكم ، وهو ـ عزوجل ـ القوى الذي لا يغلبه غالب ، الحكيم في كل أقواله وأفعاله.
وبعد فهذا تفسير لسورة «التغابن» نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الاسكندرية ـ العجمي
صباح الخميس ٣٠ من شوال سنة ١٤٠٦ ه
٢٦ من يونيو ١٩٨٦ م
كتبه الراجي عفو ربه
د / محمد سيد طنطاوى