وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال : طلقت امرأتى وهي حائض ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فتغيظ وقال : فليراجعها ثم فليمسكها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها.
وكان عبد الله بن عمر قد طلقها تطليقة ، فحسبت من طلاقها ، وراجعها عبد الله بن عمر كما أمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفي رواية أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال له : «هي واحدة» وهذا نص. وهو يرد على الشيعة قولهم (١).
وقد بسط الفقهاء وبعض المفسرين الكلام في هذه المسألة فليرجع إليها من شاء ... (٢).
والمخاطب بقوله (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) الأزواج على سبيل الأصالة ، لأنهم هم المخاطبون بقوله (طَلَّقْتُمُ) وبقوله (فَطَلِّقُوهُنَ) ، ويدخل معهم الزوجات على سبيل التبع ، وكذلك كل من له صلة بهذا الحكم ، وهو إحصاء العدة.
ثم أمر ـ سبحانه ـ بتقواه فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) أى ، واتقوا الله ربكم ، بأن تصونوا أنفسكم عن معصيته ، التي من مظاهرها إلحاق الضرر بأزواجكم ، بتطليقهن في وقت حيضهن. أو في غير ذلك من الأوقات المنهي عن وقوع الطلاق فيها.
فالمقصود بهذه الجملة الكريمة : التحذير من التساهل في أحكام الطلاق والعدة ، كما كان أهل الجاهلية يفعلون.
وجمع ـ سبحانه ـ بين لفظ الجلالة ، وبين الوصف بربكم ، لتأكيد الأمر بالتقوى ، وللمبالغة في وجوب المحافظة على هذه الأحكام.
ثم بين ـ سبحانه ـ حكما آخر يتعلق بالأزواج والزوجات فقال : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ، وَلا يَخْرُجْنَ ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ).
والجملة الكريمة مستأنفة ، أو حال من ضمير (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) أى : حالة كون العدة في بيوتهن ، والخطاب للأزواج ، والزوجات ، والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال والأساليب.
والفاحشة : الفعلة البالغة الغاية في القبح والسوء ، وأكثر إطلاقها على الزنا.
وقوله : (مُبَيِّنَةٍ) صفة للفاحشة ، وقراءة الجمهور ـ بكسر الياء ـ أى : بفاحشة توضح لمن تبلغه أنها فاحشة لشدة قبحها.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٨ ص ١٥١.
(٢) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٨ ص ١٣٠. وتفسير آيات الأحكام ج ٤ ص ١٥٦. للشيخ السائس.