وقيل المراد به : الثريا ، فإنه من النجوم المشهورة عند العرب ...
وقيل : المراد به هنا : المقدار النازل من القرآن على النبي صلىاللهعليهوسلم وجمعه نجوم ، وقد فسره بعضهم بذلك في قوله ـ تعالى ـ : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ).
ومعنى «هوى» : سقط وغرب. يقال هوى الشيء يهوى ـ بكسر الواو ـ هويا ـ بضم الهاء وفتحها ـ إذا سقط من أعلى إلى أسفل ..
قال الآلوسى : وأظهر الأقوال ، القول بأن المراد بالنجم ، جنس النجم المعروف ، فإن أصله اسم جنس لكل كوكب. وعلى القول بالتعيين ، فالأظهر القول بأنه الثريا ووراء هذين القولين ، القول بأن المراد به : المقدار النازل من القرآن .. (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ، وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى). جواب القسم. و «ما» نافية. و «ضل» من الضلال ، والمراد به هنا : عدم الاهتداء إلى الحق ، وإلى الطريق المستقيم.
و «غوى» من الغي ، وهو الجهل الناشئ من اعتقاد فاسد ، وهو ضد الرشد ..
و «الهوى» الميل مع شهوات النفس ، دون التقيد بما يقتضيه الحق ، أو العقل السليم.
والمعنى : وحق النجم الذي ترونه بأعينكم ـ أيها المشركون ـ عند غروبه وأفوله ، وعند رجمنا به للشياطين .. إن محمدا صلىاللهعليهوسلم الذي أرسلناه إليكم (شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) ، ما ضل عن طريق الحق في أقواله وأفعاله ، وما كان رأيه مجانبا للصواب في أمر من الأمور ، وما ينطق بنطق صادر عن هوى نفسه ورأيه ، وإنما ينطق بما نوحيه إليه من قرآن كريم ، ومن قول حكيم ، ومن توجيه سديد.
وقد أقسم ـ سبحانه ـ بالنجم عند غروبه ، للإشعار بأن هذا المخلوق العظيم مسخر لإرادة الله ـ تعالى ـ وقدرته فهو مع لمعانه وظهوره في السماء لا يتأبى عن الغروب والأفول ، إذا ما أراد الله ـ تعالى ـ له ذلك ، ولا يصلح أن يكون إلها ، لأنه خاضع لإرادة خالقه.
ولقد حكى ـ سبحانه ـ عن نبيه إبراهيم أنه حين (جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ، فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ).
قال بعض العلماء : والوجه أن يكون قوله : (إِذا هَوى) بدل اشتمال من النجم ، لأن المراد من النجم أحواله الدالة على قدرة خالقه ومصرفه ، ومن أعظم أحواله حال هويّه
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ٤٥.