وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً)(١٥)
وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات روايات منها ما أخرجه الشيخان والترمذي ، عن ابن عباس أنه قال : انطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم في طائفة من أصحابه ، عامدين إلى سوق عكاظ بنخلة ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : مالكم؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب ، قالوا : ما ذاك إلا لشيء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء؟ فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها ، فمر النفر ـ من الجن ـ الذي أخذوا نحو تهامة ، عامدين إلى سوق عكاظ ، فوجدوا الرسول صلىاللهعليهوسلم بنخلة يصلى بأصحابه صلاة الصبح ، فلما سمعوا القرآن ، استمعوا إليه وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء.
فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا ، إنا سمعنا قرآنا عجبا ، يهدى الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ، وأنزل الله ـ تعالى ـ على نبيه (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ...).
وروى أبو داود عن علقمة عن ابن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : أتانى داعي الجن ، فذهبت معهم ، فقرأت عليهم القرآن ..
وهناك رواية ثالثة لابن إسحاق ملخصها : أنه لما مات أبو طالب ، خرج النبي صلىاللهعليهوسلم إلى الطائف يلتمس النصرة من أهلها ويدعوهم إلى الإيمان .. فأغروا به سفهاءهم ، يسبونه ويستهزئون به ..
فانصرف صلىاللهعليهوسلم عنهم ، حتى إذا كان ببطن نخلة ـ هو موضع بين مكة والطائف ـ قام يصلى من الليل ، فمر به نفر من جن نصيبين ـ وهو موضع قرب الشام ـ فاستمعوا إليه ، فلما فرغ من صلاته ، ولوا إلى قومهم منذرين ، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا ، فقص الله ـ تعالى ـ خبرهم عليه ..
وهناك روايات أخرى في عدد هؤلاء الجن ، وفي الأماكن التي التقوا فيها مع النبي صلىاللهعليهوسلم وفيما قرأه الرسول صلىاللهعليهوسلم عليهم ، وفيمن كان معه من الصحابة خلال التقائه بهم ..